فلم تزل كذلك وعلى ذلك، حتى أصبحنا ذات يوم وقد تساقط ثمرها واصفر ورقها، فحزنا لذلك وفزعنا له، فما كان إلا قليلا حتى جاء نعي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا هو قد قبض في ذلك اليوم وكانت بعد ذلك اليوم، تثمر دونه في الطعم والعظم والرائحة، وأقامت على ذلك ثلاثين سنة.
فلما كان ذات يوم أصبحنا فإذا بها قد أشوكت من أولها إلى آخرها وذهبت نضارة عيدانها وتساقط جميع ثمرها، فما كان إلا يسيرا حتى وافانا مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه، فما أثمرت بعد ذلك قليلا ولا كثيرا وانقطع ثمرها.
ولم نزل ومن حولنا نأخذ من ورقها، ونداوي به مرضانا، ونستشفي به من أسقامنا، فأقامت على ذلك مدة وبرهة طويلة، ثم أصبحنا وإذا بها يوما قد انبعث من ساقها دم عبيط (أي طري) جار، وورقها ذابل يقطر ماء كماء اللحم فعلمنا أن قد حدث حدث فبتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية، فأتانا بعد ذلك قتل الحسين بن علي عليه السلام، ويبست الشجرة وجفت وكسرتها الرياح والأمطار بعد ذلك، فذهبت واندرس أصلها).
صفحة ٥٥