158

تيسير علم أصول الفقه

الناشر

مؤسسة الريان للطباعة والنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٨ هـ - ١٩٩٧ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ وَسَاءَتْ مَصِيرًا﴾ [النساء: ١١٥] .
فتوعَّد الله تعالى بهذا الوعيد الشَّديدِ على مخالفةِ سبيل المؤمنينَ كما توعَّدَ على مُشاققةِ الرَّسولِ ﷺ بعد بلوغِ العلمِن دالًاّ على أنَّ سبيلَهُم هو الهُدَى، ولفظُ (المؤمنين) لم تُرَدْ بهِ طائفةٌ دونَ أُخرَى، وإنَّما هو لفظٌ شاملٌ لجميعهِم، ولا يُوجدُ شيءٌ اجتمعُوا عليه جميعًا أحياءً وأمواتًا إلاَّ شيءٌ معلومٌ من الدِّينِ بالضَّرورةِ لا يسعُ أحدًا جَحْدَهُ.
٢ـ وحديثُ: «لايجمعُ الله أمَّتي على ضلالةٍ أبدًا» [حديثٌ ضعيفٌ، يقوِّيه بعضُ العلماءِ بتعدُّد الطُّرقِ]، وهذا معنى صحيحٌ، فإنَّ هذه الأمَّةَ الوسطَ لم تكُن لتشهَدَ على النَّاسِ كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ﴾ [البقرة: ١٤٣]، وهي تجتمعُ على الخطإ.
٣ـ وقولهُ ﷺ: «عليكمْ بالجماعَةِ، وإيَّاكمْ والفُرقَةَ، فإنَّ الشَّيطان مع الواحدِ وهوَ من الإثنينِ أبعدُ، من أرادَ بحُبوحَةَ الجنَّةِ فلْيلْزمِ الجماعَةَ» [حديثٌ صحيحٌ أخرجه التِّرمذِيُّ وغيرُهُ]، وفي معناهُ أحاديثُ كثيرةٌ تبلُغُ التَّواترَ تأْمُرُ بالكونِ مع الجماعَةِ والالتزامِ بها، وهذا إنَّما يتحقَّقُ بالاجتماعِ لا بالافتراقِ، وبوحدَةِ الكلمةِ لا بتفرُّقها.
وهذا المعنى لا يوجدُ في الأحكامِ الشَّرعيَّةِ إلاَّ في قضيَّةٍ لا يسوغُ

1 / 163