تفسير أبي حفص النسفي (التيسير في التفسير)

أبو حفص النسفي ت. 537 هجري
82

تفسير أبي حفص النسفي (التيسير في التفسير)

محقق

ماهر أديب حبوش، وآخرون

الناشر

دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م

مكان النشر

أسطنبول - تركيا

تصانيف

- وذكر مثلَ هذا أيضًا عند تفسير قوله تعالى: ﴿كَثِيرًا مِمَّا تَعْمَلُونَ﴾ [فصلت: ٢٢] قال: أي: كلَّ ما تعملون، وهو كقوله: ﴿يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ [غافر: ٢٨]؛ أي: كلُّه. - ومن الأمثلة أيضًا: ﴿وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [نوح: ٢٧] قال: أي: إلَّا مَن إذا بلغَ فجَر وكفَر، وهو كقوله: ﴿وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا﴾ [الحجر: ٥٣]، و﴿بِغُلَامٍ حَلِيمٍ﴾ [الصافات: ١٠١]؛ أي: إذا بلغ مبلغَ العلم والحلم صار موصوفًا بهما. - ومنه: ﴿فَذُوقُوا عَذَابِي وَنُذُر﴾ [القمر: ٣٧] قال: أي: وقيل لهم ذلك. وقيل: معناه: أَذَقْناهم ذلك؛ كما قال: ﴿سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّامًا آمِنِينَ﴾ [سبأ: ١٨]؛ أي: سَيَّرْناهم كذلك. - ومن أمثلةِ ذلك أيضًا قولُه في الصراط المستقيم: إن معناه: أن سالكه مستقيم فيه، كقوله تعالى: ﴿وَالنَّهَارَ مُبْصِرًا﴾؛ أي: يُبصَرُ فيه، وكقولك: نهرٌ جارٍ؛ أي: الماءُ جارٍ فيه، ونظيرُه في القرآن: ﴿فَإِذَا عَزَمَ الْأَمْرُ﴾ [محمد: ٢١]؛ أي: عزَموا فيه. وقولُه: ﴿فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ﴾ [البقرة: ١٦]؛ أي: ما ربحوا فيها، وقولُه تعالى: ﴿تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ﴾ [النازعات: ١٢]. فلا شكَّ أن مَن يَرى هذا الربطَ بين الآيات يُوقن أن القرآن لا تتناهَى معانيهِ، فلو سلك سالكٌ هذا الطريقَ لوجد العجَبَ العُجَاب. ومن تفنُّن المؤلِّف بتفسيرِ القرآنِ بالقرآن: أن تحتمِلَ الآيةُ وجوهًا، فلا يَذكر وجهًا من وجوهها إلا ويُتبِعُه بدليله من القرآن: - ومن أروعِ هذه الاستدلالات ما جاء في تفسير قوله تعالى: ﴿وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي﴾: حيث أورد معاني الذكر في الآيةِ كلٌّ مع دليله من القرآن، فقال:

المقدمة / 83