تفسير أبي حفص النسفي (التيسير في التفسير)
محقق
ماهر أديب حبوش، وآخرون
الناشر
دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
مكان النشر
أسطنبول - تركيا
تصانيف
- ومثلُ ذلك قولُه تعالى: ﴿أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ أَنَّ عَلَيْهِمْ لَعْنَةَ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (٨٧) خَالِدِينَ فِيهَا﴾ [آل عمران: ٨٧ - ٨٨] قال: أي: في اللَّعنة، والخلودُ في اللَّعنة خلودٌ في جهنَّم، وهو كقوله تعالى: ﴿فَإِنَّهُ يَحْمِلُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وِزْرًا (١٠٠) خَالِدِينَ فِيهِ﴾ [طه: ١٠٠ - ١٠١]؛ أي: في الوِزْرِ، وذاك خلودٌ في جهنم.
- ونحوُه قولُه تعالى: ﴿مَا خَلْقُكُمْ وَلَا بَعْثُكُمْ إِلَّا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾ [لقمان: ٢٨] قال: أي: إلا كخَلْقِ نفسٍ واحدة وبعثِ نفسٍ واحدة؛ كقوله: ﴿تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ﴾ [الأحزاب: ١٩]؛ أي: كدوران الذي يغشى عليه.
- ومن ذلك: قوله تعالى: ﴿لِيَجْزِيَ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ﴾ [يونس: ٤] قال: متصلٌ بقوله: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصَّدَّعُونَ. . . لِيَجْزِيَ﴾ كما قال: ﴿يَوْمَئِذٍ يَصْدُرُ النَّاسُ أَشْتَاتًا لِيُرَوْا أَعْمَالَهُمْ﴾ [الزلزلة: ٦].
- ومنه ﴿إِنَّهُمْ مُنْتَظِرُونَ﴾ [السجدة: ٣٠] قال: أي: ماكثون إلى أن يكونَ ذلك، جعَلهم منتظِرين له وإنْ لم يقصدوا ذلك لأنه كان يأتيهم لا محالةَ، فكان كقوله: ﴿مَا يَنْظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً﴾ [يس: ٤٩].
وقيل: كان بعضهم شاكًّا فيه فكانوا ينتظرونه؛ قال تعالى: ﴿وَلَا يَزَالُ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي مِرْيَةٍ مِنْهُ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ السَّاعَةُ بَغْتَةً﴾ [الحج: ٥٥].
- ومنه: ﴿وَإِنْ يَكُ صَادِقًا يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ﴾ [غافر: ٢٨] قال: قيل: أي: كلُّ الذي يعِدُكم؛ كما قال تعالى: ﴿وَلِأُبَيِّنَ لَكُمْ بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾ [الزخرف: ٦٣]: أي: كلَّه.
ثم أضاف إليه فائدةً، وهي ذكرُ ما جاء على عكسِ ذلك، فقال: وقد جاء كلٌّ في إرادةِ البعض؛ كما في قوله تعالى: ﴿تُدَمِّرُ كُلَّ شَيْءٍ﴾ [الأحقاف: ٢٥]، وقال: ﴿وَأُوتِيَتْ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ﴾ [النمل: ٢٣].
المقدمة / 82