تفسير أبي حفص النسفي (التيسير في التفسير)

أبو حفص النسفي ت. 537 هجري
80

تفسير أبي حفص النسفي (التيسير في التفسير)

محقق

ماهر أديب حبوش، وآخرون

الناشر

دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م

مكان النشر

أسطنبول - تركيا

تصانيف

- وفي قوله تعالى: ﴿قَالَ أَأَقْرَرْتُمْ﴾ [آل عمران: ٨١] قال: أي: قال اللَّهُ للأنبياء: أأقررتم؟ وهذا استفهامٌ بمعنى الأمر، كما في قوله: ﴿أَأَسْلَمْتُمْ﴾ [آل عمران: ٢٠]. - وفي قوله تعالى: ﴿وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ﴾ [القمر: ٣] قال: أي: وكلُّ أمرٍ مِن الخير والشَّرِّ، والحَقِّ والباطل، والهوى والحُجَّة، يستقِرُّ يومًا قرارُه، ويتناهى نهايتَه، فتخرُجُ حقيقتُه، وتزولُ شُبْهَتُه، وعند العواقب تظهَرُ الحقائقُ، وهذا وعيدٌ للمشركين، ووعدٌ وبِشارةٌ للرسول والمؤمنين، وهو كقوله: ﴿لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنعام: ٦٧]، أي: إنَّ مُدَّتَه وإنْ طالَتْ فلا بُدَّ مِن أنْ يستقِرَّ قرارُه، وتنكشِفُ حقيقتُه مِن حقٍّ وباطل. - وقال في قوله تعالى: ﴿وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ﴾ [آل عمران: ١٢٦]: أي: بالإيمان، كما قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ﴾ [المنافقون: ٨]، ﴿وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ﴾ بالكفر؛ قال اللَّه تعالى: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ﴾ [البقرة: ٦١]. - ومنه قوله تعالى: ﴿وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [هود: ١١٩] قال: أي: مضَى قولُ ربِّك فيهم بما علمَ منهم، وهو كقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شِئْنَا لَآتَيْنَا كُلَّ نَفْسٍ هُدَاهَا وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ﴾ [السجدة: ١٣]. وهناك بعض التعلُّقات التي يذكرُها مما لا تَخطرُ على بالِ حتى المهتمِّين بهذا الشأن: - فانظر كيف ربطَ بين هاتينِ الآيتين فقال: وقولُه تعالى: ﴿يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ﴾ [آل عمران: ٢٣]؛ أي: ليقضيَ، وفي الكتاب بيانُ الحكم، فأُضيف الحكم إليه، كما في صفة القرآن: ﴿بَشِيرًا وَنَذِيرًا﴾ [البقرة: ١١٩] لأنَّ فيه بيانَ التبشير والإنذار.

المقدمة / 81