تفسير أبي حفص النسفي (التيسير في التفسير)
محقق
ماهر أديب حبوش، وآخرون
الناشر
دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
مكان النشر
أسطنبول - تركيا
تصانيف
مقاساة العناء والتعب ﴿وَرَابِطُوا﴾ أعدائي بلا هرَب ﴿وَاتَّقُوا﴾ بهممكم عن الالتفات إلى السبب ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ غدا بلقائي على بساط الطَّرب.
وقال الإمام القشيريُّ ﵀: يقال ﴿اصْبِرُوا﴾ على الطاعات وعن المخالفات ﴿وَصَابِرُوا﴾ في ترك الهوى والشهوات، وقطع المنى والعلاقات ﴿وَرَابِطُوا﴾ بالاستقامة في الصحبة في عموم الحالات.
قال: ويقال: ﴿اصْبِرُوا﴾ بنفوسكم ﴿وَصَابِرُوا﴾ بقلوبكم ﴿وَرَابِطُوا﴾ بأسراركم.
قال: والصبرُ مرٌّ مذاقتُه إذا كان العبدُ يتحسَّاه على الغَيبة، وهو لذيدٌ طعمُه إذا شربه على الشهود والرؤية ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾ بمخالفةِ أهوائكم ﴿لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ الفلاحُ: الظَّفَر بالبُغية، وهمةُ القومِ اليومَ الظَّفَرُ بنفوسهم، فإذا ظَفِروا بها ذبحوها بسيوفِ المجاهَدة، وصلَبوها على عيدان المكابَدة، وبعد فنائهم عنها يَحصلُ بقاؤهم بالمشاهَدة.
- وذكر أيضًا في الموضع نفسه: وقال عطاء: ﴿اصْبِرُوا﴾ على دينكم ﴿وَصَابِرُوا﴾ الوعد الذي وعَد ربُّكم ﴿وَرَابِطُوا﴾ عدوِّي وعدوَّكم، حتى يرجعَ عن دينه إلى دينِكم ﴿وَاتَّقُوا اللَّهَ﴾؛ أي: خافوني فيما نهيتُكم وأطيعوني فيما أمرتُكم ﴿لَعَلَّكُمْ﴾ تُسْعَدون وتَبقَون في الجنة ناعمين مخلَّدين كما بشَّرتكم.
٤ - وإن من أهم ما تميز به أيضًا كثرة ما ينقله من آثار أو أقوال في التفسير أو النحو أو اللغة أو غيرها مما لا يوجد في الكتب التي بين أيدينا:
وهذا مما يبوِّئ هذا التفسير المكانة العالية السامقة على غيره من التفاسير المطبوعة.
ففي الآثارِ عن السَّلفِ مثلًا كثيرٌ مما ساقهُ لم نقف عليه، والغالبُ أنه نقلَه من
المقدمة / 50