تفسير أبي حفص النسفي (التيسير في التفسير)
محقق
ماهر أديب حبوش، وآخرون
الناشر
دار اللباب للدراسات وتحقيق التراث
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٤٠ هـ - ٢٠١٩ م
مكان النشر
أسطنبول - تركيا
تصانيف
- وقال: وفي قوله: ﴿وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ﴾ [البقرة: ٢١] دلالةٌ على شمول القدرة والصَّنعة، وتنبيهٌ عن سِنَة الغفلة، أنهم كانوا فمضَوا، وجاؤوا وانقضَوا، فلا تنسَوا مصيركم، ولا تَستجيزوا تقصيرَكم.
- وفي أولِ يوسف قال: وانتظامُ أوَّل هذه السُّورةِ بآخرِ السُّورة الَّتي قبلَها: أنَّه افتتحَ هذه السُّورة بقوله: ﴿الر﴾ معناه: أنا اللَّهُ أرى من العرشِ إلى الثَّرى، فلي غيبُ السَّماوات العُلى والأراضي السُّفلى، ولسْتُ بغافلٍ عمَّا يعمل الورى.
وقيل: أنا اللَّه أرى ما نزل بيوسفَ مِن البلوى، من الجبِّ والسِّجن والشَّكوى، ثمَّ جعلتُه مَلِك الدُّنيا، وجمعتُه مع شيخِه المبتلَى.
٣ - كما يتميز بتلك النقول الرائعة والأقوال الجامعة المانعة، والتي كثير منها لا تجده في الكتب، وفيها جوامعُ الكلِم، والمواعظُ والحكم:
- ففي تفسير الفاتحةِ في سببِ تسميتها بأمِّ الكتاب أسهَبَ في شرح ذلك وما قيل فيه، ومنه قوله: وقيل: الأمُّ: الإمامُ؛ فالسورةُ إمامُ أهلِ الإسلام، وأمُّ القرى مقصدُ الأَنام، وجهنَّم قيل لها: ﴿فَأُمُّهُ هَاوِيَةٌ﴾ [القارعة: ٩]؛ لأنَّ الكافرَ له إليها المرجعُ والمقام، والدِّماغُ أمُّ الرأس وللرأسِ به القيام؛ فأمُّ القرآنِ تقوم بهذه المعاني العظام.
- وفي الفاتحة أيضًا قال: وقالوا: خيارُ المسلمين سبعةُ أصنافٍ: الحامدونَ، والراجون، والخائفونَ، والمخلِصون، والمتوكِّلونَ، والمستقيمون، والعارفونَ، وفي هذه السورة نصيبٌ لكلِّهم؛ فقولُه: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ على نصيبِ الحامدين، وقوله: ﴿الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾ على نصيبِ الراجين، وقولُه: ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ﴾ على نصيبِ الخائفين، وقولُه: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ على نصيبِ المُخلِصين، وقولُه: ﴿وَإِيَّاكَ
المقدمة / 48