التيسير بشرح الجامع الصغير
الناشر
مكتبة الإمام الشافعي
الإصدار
الثالثة
سنة النشر
١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م
مكان النشر
الرياض
شِفَاء) فَإِنَّهُ لَا شَيْء من الْمَخْلُوقَات إِلَّا وَله ضدّ (فَعَلَيْكُم بألبان الْبَقر) أَي الزموا شربهَا (فَإِنَّهَا ترم) بِفَتْح فضم فتشديد (من كل الشّجر) أَي تجمع مِنْهُ وتأكل وَفِي الْأَشْجَار كَغَيْرِهَا مَنَافِع لَا تحصى مِنْهَا مَا علمه الْأَطِبَّاء وَمِنْهَا مَا اسْتَأْثر الله بِهِ وَاللَّبن متولد مِنْهَا فَفِيهِ تِلْكَ الْمَنَافِع (حم عَن طَارق) بن شهَاب بن عبد شمس البَجلِيّ وَإِسْنَاده صَحِيح
(أَن الله لم ينزل دَاء إِلَّا أنزل لَهُ شِفَاء إِلَّا الْهَرم) أَي الْكبر فَإِنَّهُ لَا دَوَاء لَهُ (فَعَلَيْكُم بألبان الْبَقر) الزموها (فَإِنَّهَا ترم من كل الشّجر) وَفِيه إِثْبَات الْأَسْبَاب والمسببات وَصِحَّة علم الطِّبّ وَحل التطبب (ك عَن ابْن مَسْعُود) عبد الله وَقَالَ صَحِيح
(أَن الله لم ينزل دَاء إِلَّا أنزل لَهُ دَوَاء علمه من علمه وجهله من جَهله) علق الْبُرْء بموافقة الدَّاء الدَّوَاء وَهُوَ قدر زَائِد على مجرّد وجوده فالدواء مَوْجُود لَكِن لَا يُعلمهُ إِلَّا من شَاءَ الله (إِلَّا السام) بِمُهْملَة مخففا (وَهُوَ الْمَوْت) فَإِنَّهُ لَا دَوَاء لَهُ وَتَقْدِيره الْأَدَاء الْمَوْت أَي الْمَرَض الَّذِي قدر على صَاحبه الْمَوْت (ك عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَصَححهُ ابْن حبَان
(أَن الله تَعَالَى لم يحرّم حُرْمَة إِلَّا وَقد علم أَنه سيطلعها) بِفَتْح الْمُثَنَّاة تَحت وَشد الطَّاء وَكسر اللَّام (مِنْكُم مطلع) مفتعل اسْم مفعول أَصله مَوضِع الِاطِّلَاع من الْمَكَان الْمُرْتَفع إِلَى الْمَكَان المنخفض وَالْمرَاد أَنه لم يحرم على الْآدَمِيّ شيأ إِلَّا وَقد علم أَنه سيطلع على وُقُوعه مِنْهُ (إِلَّا) بِالتَّخْفِيفِ (وَإِنِّي مُمْسك بِحُجزِكُمْ) جمع حجزة وَهِي مَحل الْعقْدَة من الْإِزَار (أَن تهافتوا) بِحَذْف إِحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا (فِي النَّار) من الهفت السُّقُوط (كَمَا يتهافت الْفراش والذباب) فِي النَّار وَالْحُرْمَة بِالضَّمِّ الْمَنْع من الشَّيْء (حم طب عَن ابْن مَسْعُود) وَفِيه المَسْعُودِيّ وَقد اخْتَلَط
(أنّ الله تَعَالَى لم يكْتب على اللَّيْل صياما فَمن صَامَ) فِيهِ (تعنى) أَي أوقع نَفسه فِي العناء (وَلَا أجر لَهُ) لِأَن النَّهَار معاش وَاللَّيْل سبات وَوقت توف فَمن أكل فِيهِ فَإِنَّمَا أطْعمهُ الله وسقاه (ابْن قَانِع والشيرازي فِي الألقاب عَن أبي سعد الْخَيْر) الْأَنمَارِي واسْمه عَامر بن سعد وَفِيه من لَا يعرف
(أَن الله تَعَالَى لما خلق الدُّنْيَا أعرض عَنْهَا) وَفِيه حذف تَقْدِيره لما خلقهَا نظر إِلَيْهَا ثمَّ أعرض عَنْهَا (فَلم ينظر إِلَيْهَا بعد ذَلِك نظر رضَا وَإِلَّا فَهُوَ ينظر إِلَيْهَا نظر تَدْبِير (من هوانها) أَي حقارتها (عَلَيْهِ) لِأَنَّهَا قَاطِعَة عَن الْوُصُول إِلَيْهِ وعدوة لأوليائه (ابْن عَسَاكِر) فِي تَارِيخه (عَن عَليّ بن الْحُسَيْن) زين العابدين (مُرْسلا
أَن الله تَعَالَى لما خلق الدُّنْيَا نظر إِلَيْهَا ثمَّ أعرض عَنْهَا) بغضا لَهَا ولأوصافها الذميمة وأفعالها القبيحة (ثمَّ قَالَ وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا أنزلتك إِلَّا فِي شرار خلقي) وَلِهَذَا كَانَ أَكثر الْقُرْآن مُشْتَمِلًا على ذمها والتحذير مِنْهَا وَصرف الْخلق عَنْهَا (ابْن عَسَاكِر عَن أبي هُرَيْرَة)
(أَن الله تَعَالَى لما خلق الْخلق كتب بِيَدِهِ على نَفسه) يَعْنِي أثبت فِي علمه الأزلي (أَن رَحْمَتي تغلب غَضَبي) أَي غلبت عَلَيْهِ بِكَثْرَة آثارها أَلا ترى أَن قسط الْخلق من الرَّحْمَة أَكثر من قسطهم من الْغَضَب لنيلهم إِيَّاهَا بِلَا اسْتِحْقَاق (ت هـ عَن أبي هُرَيْرَة
أَن الله تَعَالَى ليؤيد) يقوّي وينصر من الأيد وَهُوَ القوّة (الْإِسْلَام بِرِجَال مَا هم من أَهله) أَي من أهل الدّين لكَوْنهم كفَّارًا أَو منافقين أَو فجارا على نظام دبره وقانون أحكمه فِي الْأَزَل يكون سَبَب لكف القويّ عَن الضَّعِيف (طب عَن ابْن عَمْرو) بن الْعَاصِ ضَعِيف لضعف عبد الرَّحْمَن بن زِيَاد
(أَن الله تَعَالَى ليؤيد هَذَا الدّين بِالرجلِ الْفَاجِر) قَالَه لما رأى فِي غَزْوَة خَيْبَر رجلا يَدعِي الْإِسْلَام يُقَاتل شَدِيدا فَقَالَ هَذَا من أهل النَّار فجرح فَقتل نَفسه لَكِن الْعبْرَة بِعُمُوم اللَّفْظ
1 / 260