242

التيسير بشرح الجامع الصغير

الناشر

مكتبة الإمام الشافعي

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٠٨هـ - ١٩٨٨م

مكان النشر

الرياض

أثر نعْمَته عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ إِنَّمَا أعطَاهُ مَا أعطَاهُ ليبرزه إِلَى جوارحه ليَكُون مكرما لَهَا فَإِذا مَنعه فقد ظلم نَفسه (وَيكرهُ الْبُؤْس) شدّة الْحَال والفاقة (وَالتَّبَاؤُس) إِظْهَار الْفقر وَالْحَاجة لِأَنَّهُ كالشكوى إِلَى الْعباد من ربه فالتجمل فِي النَّاس لله لَا للنَّاس مَطْلُوب (وَيبغض السَّائِل الْمُلْحِف) الملازم لملح (ويحبّ الحيّ الْعَفِيف) أَي المنكف عَن الْحرم وسؤال النَّاس (الْمُتَعَفِّف) الْمُتَكَلف الْعِفَّة وَهِي كف مَا ينبسط للشهوة من الْآدَمِيّ إِلَّا بِحقِّهِ (هَب عَن أبي هُرَيْرَة) بأسانيد جَيِّدَة كَمَا فِي الْمُهَذّب
(إِن الله إِذا رَضِي عَن العَبْد أثنى عَلَيْهِ بسبعة أَصْنَاف من الْخَيْر لم يعمله) يَعْنِي يقدّر لَهُ التَّوْفِيق لفعل الْخَيْر فِي الْمُسْتَقْبل ويثني عَلَيْهِ بِهِ قبل صدوره مِنْهُ بِالْفِعْلِ (وَإِذا سخط على العَبْد أثنى عَلَيْهِ بسبعة أَصْنَاف من الشَّرّ لم يعمله) فالجناية لَا تضرّ مَعَ الْعِنَايَة قَالَ بَعضهم
(من لم يكن للوصال أَهلا ... فَكل إحسانه ذنُوب)
وَقَالَ الْعَارِف السهروردي الرِّضَا والسخط نعتان قديمان لَا يتغيران بِأَفْعَال الْعباد وَفِي تَفْسِير الْبَغَوِيّ أَن دَاوُد ﵇ رأى الْمِيزَان كل كفة كَمَا بَين الْمشرق وَالْمغْرب فَقَالَ يَا رب من يَسْتَطِيع يملؤها حَسَنَات قَالَ إِذا رضيت على عبد ملأتها بتمرة وَالْحَاصِل أَنه كَمَا بَين الرزق تفَاوت فِي الْقِسْمَة فَكَذَا الثَّنَاء لَهُ تفَاوت فِي الْقِسْمَة فقسمة الرزق على التَّدْبِير وَقِسْمَة الثَّنَاء على منَازِل العبيد من رَبهم فِي الْبَاطِن لَا فِي الظَّاهِر وَإِنَّمَا ينزل الثَّنَاء على الْقُلُوب وَتظهر السمات على الْوُجُوه بِاعْتِبَار مَا عِنْد الله تَعَالَى فِي غيبه (حم حب عَن أبي سعيد) الْخُدْرِيّ وَرِجَاله وثقوا على ضعف فِي بَعضهم
(إنّ الله تَعَالَى إِذا قضى على عبد قَضَاء لم يكن لقضائه مرد) أَي راد فَلَيْسَ هُوَ كملوك الدُّنْيَا يُحَال بَينهم وَبَين بعض مَا يُرِيدُونَ بِنَحْوِ شَفَاعَة فَمن قضى لَهُ بالسعادة فَمن أَهلهَا أَو بالشقاوة فَمن أَهلهَا إِلَّا رادّ لقضائه وَلَا معقب لحكمه (ابْن قَانِع عَن شُرَحْبِيل) بِضَم الْمُعْجَمَة وَفتح الرَّاء (ابْن السمط) الْكِنْدِيّ مُخْتَلف فِي صحبته
(إنّ الله إِذا أَرَادَ بالعباد نقمة) عُقُوبَة (أمات الْأَطْفَال وعقم النِّسَاء) أَي منع المنى أَن ينْعَقد فِي أرحامهنّ ولدا (فتنزل بهم النقمَة وَلَيْسَ فيهم مَرْحُوم) لأنّ سُلْطَان الانتقام إِذا ثار حنت الرَّحْمَة بَين يَدي الله حنين الواله فتطفئ تِلْكَ الثائرة فَإِذا لم يكن فيهم مَرْحُوم ثار الْغَضَب واعتزلت الرَّحْمَة (الشِّيرَازِيّ فِي الألقاب عَن حُذَيْفَة) بن الْيَمَان (وعمار بن يَاسر مَعًا) دفع بِهِ توهم أَنه عَن وَاحِد مِنْهُمَا على الشَّك
(أنّ الله تَعَالَى إِذا أَرَادَ أَن يهْلك عبدا) من عباده (نزع مِنْهُ الْحيَاء) مِنْهُ تَعَالَى أَو من الْخلق أَو مِنْهُمَا (فَإِذا نزع مِنْهُ الْحيَاء فَلم تلقه إِلَّا مقيتا) فعيل بِمَعْنى فَاعل أَو مفعول من المقت وَهُوَ أَشد الْغَضَب (ممقتا) بِالتَّشْدِيدِ وَالْبناء للْمَجْهُول أَي ممقوتا بَين النَّاس مغضوبا عَلَيْهِ عِنْدهم (فَإِذا لم تلقه إِلَّا مقيتا ممقتا نزعت مِنْهُ الْأَمَانَة) وأودعت فِيهِ الْخِيَانَة (فَإِذا نزعت مِنْهُ الْأَمَانَة لم تلقه) أَي لم تَجدهُ (إِلَّا خائنا) فِيمَا جعل أَمينا عَلَيْهِ (مخوّنا) بِالتَّشْدِيدِ وَالْبناء للْمَجْهُول أَي مَنْسُوبا إِلَى الْخِيَانَة مَحْكُومًا لَهُ بهَا وَإِذا صَار بِهَذَا الْوَصْف (نزعت مِنْهُ الرَّحْمَة) رقة الْقلب والعطب على الْخلق (فَإِذا نزعت مِنْهُ الرَّحْمَة لم تلقه إِلَّا رجيما) أَي مطرودا وأصل الرَّجْم الرَّمْي بِالْحِجَارَةِ فعيل بِمَعْنى مفعول أَي مرجوم (ملعنا) بِالضَّمِّ وَالتَّشْدِيد أَي يلعنه النَّاس كثيرا وَإِذا صَار كَذَلِك (نزعت مِنْهُ ربقة الْإِسْلَام) بِكَسْر الرَّاء وتفتح أَي حُدُود الْإِسْلَام وَأَحْكَامه وَفِيه أنّ الْحيَاء أشرف الْخِصَال وأكمل الْأَحْوَال (هـ عَن ابْن عمر) ضعفه الْمُنْذِرِيّ
(إنّ الله تَعَالَى إِذا أحبّ عبدا) أَي أَرَادَ بِهِ خيرا وهداه ووفقه (دَعَا جِبْرِيل) أَي

1 / 243