تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد
محقق
زهير الشاويش
الناشر
المكتب الاسلامي،بيروت
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
العقائد والملل
وقال شيخ الإسلام: الإله هو المعبود المطاع. وقال أيضا في (لا إله إلا الله): إثبات انفراده بالإلهية، والإلهية تتضمن كمال علمه وقدرته ورحمته وحكمته، ففيها إثبات إحسانه إلى العباد. فإن الإله هو المألوه، والمألوه هو الذي يستحق أن يعبد، وكونه يستحق أن يعبد هو بما اتصف به من الصفات التي تستلزم أن يكون هو المحبوب غاية الحب، المخضوع له غاية الخضوع.
وقال ابن القيم ﵀: الإله هو الذي تألهه القلوب محبة وإجلالًا وإنابة وإكرامًا وتعظيمًا وذلًا وخضوعًا وخوفًا ورجاءً وتوكلًا.
وقال ابن رجب ﵀: - الإله هو الذي يطاع فلا يعصى هيبة له وإجلالًا ومحبة، وخوفًا ورجاء، وتوكلًا عليه وسؤالًا منه ودعاء له، ولا يصلح ذلك كله إلا لله ﷿، فمن أشرك مخلوقًا في شيء من هذه الأمور التي هي من خصائص الإلهية كان ذلك قدحًا في إخلاصه في قول: لا إله إلا الله، ونقصًا في توحيده، وكان فيه من عبودية المخلوق بحسب ما فيه من ذلك، وهذا كله من فروع الشرك.
وقال البقاعي: لا إله إلا الله، أي: انتفى انتفاء عظيمًا أن يكون معبود بحق غير الملك الأعظم، فإن هذا العلم هو أعظم الذكرى المنجية
من أهوال الساعة، وإنما يكون علمًا إذا كان نافعًا، وإنما يكون نافعًا إذا كان الإذعان والعمل بما تقتضيه، وإلا فهو جهل صرف.
وقال الطيبي: الإله فِعَالٌ بِمعنى: مفعول، كالكتاب بمعنى المكتوب، من أله إلهة، أي: عبد عبادة.
وهذا كثير جدًا في كلام العلماء، وهو إجماع منهم أن الإله هو المعبود، خلافًا لما يعتقده عباد القبور وأشباههم في معنى الإله أنه الخالق أو القادر على الاختراع أو نحو هذه العبارات، ويظنون أنهم إذا قالوها بهذا المعنى، فقد أتوا من التوحيد بالغاية القصوى، ولو
1 / 54