تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد
محقق
زهير الشاويش
الناشر
المكتب الاسلامي،بيروت
الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
العقائد والملل
الظلم وموجبه، وهو شيئان:
أحدهما: منهم، وهو استغفارهم ربهم ﷿.
والثاني: من غيرهم وهو استغفار الرسول ﷺ لهم إذا جاءوه، وانقادوا له، واعترفوا بظلمهم، فمتى فعلوا ذلك وجدوا الله توابًا رحيمًا يتوب عليهم فيمحو أثر سيئاتهم ويقيهم شرها، ويزيدهم مع ذلك رحمته وبره وإحسانه.
فإن قلت: فما حظ من ظلم نفسه بعد موت النبي ﷺ من هذه الآية؟ وهل كلام بعض الناس في دعوى المجيء إلى قبره ﷺ والاستغفار عنده، والاستشفاع به، والاستدلال بهذه الآية على ذلك صحيح أم لا؟ .
قيل: أما حظ من ظلم نفسه بعد موت النبي ﷺ من هذه الآية فالاستغفار، وأن يتوب إلى الله توبة نصوحًا في كل زمان ومكان، ولا يشترط في صحة التوبة المجيء إلى قبره، والاستغفار عنده بالإجماع. وأما المجيء إلى قبره، والاستغفار عنده، والاستشفاع به، والاستدلال بالآية على ذلك، فهو استدلال على ما لا تدل الآية عليه بوجه من وجوه الدلالات، لأنه ليس في الآية إلا المجيء إليه ﷺ لا المجيء إلى قبره، واستغفاره لهم، لاستشفاعهم به بعد موته، فعلم أن ذلك باطل، يوضح ذلك أن الصحابة الذين هم أعلم الناس بكتاب الله وسنة نبيه ﷺ ما فهموا هذا من الآية، فعلم أن ذلك بدعة. وأكثر ما استدل به من أجاز ذلك رواية العتبي عن أعرابي مجهول على أن القصة لا نعلم لها إسنادًا. ومثل هذا لو كان حديثًا، أو أثرًا عن صحابي لم يجز الاحتجاج به، ولم يلزمنا حكمه لعدم صحته، فكيف يجوز الاحتجاج في هذا بقصة لا تصح عن بدوي لا يعرف؟!.
ثم قال تعالى: ﴿فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ ١.
قال ابن القيم: أقسم سبحانه بأجل مقسم به، وهو نفسه ﷿
١ سورة النساء آية: ٦٥.
1 / 486