تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد
محقق
زهير الشاويش
الناشر
المكتب الاسلامي،بيروت
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
العقائد والملل
ومراد أحمد الإنكار على من يعرف إسناد الحديث وصحته، ثم بعد ذلك يقلد سفيان أو غيره، ويعتذر بالأعذار الباطلة إما بأن الأخذ بالحديث اجتهاد والاجتهاد انقطع منذ زمان، وإما بأن هذا الإمام الذي قلدته أعلم مني، فهو لا يقول إلا بعلم، ولا يترك هذا الحديث مثلًا إلا عن علم، وإما بأن ذلك اجتهاد، ويشترط في المجتهد أن يكون عالمًا بكتاب الله عالمًا بسنة رسول الله ﷺ وناسخ ذلك ومنسوخه، وصحيح السنة وسقيمها، عالمًا بوجوه الدلالات، عالمًا بالعربية والنحو والأصول، ونحو ذلك من الشروط التي لعلها لا توجد تامة في أبي بكر وعمر ﵄، كما قاله المصنف، فيقال له: هذا إن صح، فمرادهم بذلك المجتهد المطلق، أما أن يكون ذلك شرطًا في جواز العمل بالكتاب والسنة، فكذب على الله، وعلى رسوله ﷺ وعلى أئمة العلماء، بل الفرض والحتم على المؤمن إذا بلغه كتاب الله وسنة رسوله ﷺ وعلم معنى ذلك في أي شيء كان أن يعمل به ولو خالفه من خالفه، فبذلك أمرنا ربنا ﵎ ونبينا ﷺ وأجمع على ذلك العلماء قاطبة إلا جهال المقلدين وجفاتهم، ومثل هؤلاء ليسوا من أهل العلم١ كما حكى الإجماع على أنهم ليسوا من أهل العلم أبو عمر بن عبد البر وغيره قال الله تعالى: ﴿اتَّبِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلا تَتَّبِعُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ﴾ ٢. وقال تعالى: ﴿وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلاَّ الْبَلاغُ الْمُبِينُ﴾ ٣. فشهد تعالى لمن أطاع الرسول ﷺ بالهداية، وعند جفاة المقلدين أن من أطاعه ﷺ ليس بمهتد إنما المهتدي من عصاه، وعدل عن أقواله، ورغب عن سنته إلى مذهب أو شيخ ونحو ذلك، وقد وقع في هذا التقليد المحرم خلق كثير ممن يدعي العلم والمعرفة بالعلوم، ويصنف التصانيف في
١ في الطبعة السابقة: زيادة كلمة "منهم".
٢ سورة الأعراف آية: ٣.
٣ سورة النور آية: ٥٤.
1 / 472