تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد
محقق
زهير الشاويش
الناشر
المكتب الاسلامي،بيروت
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م
مكان النشر
دمشق
تصانيف
Creeds and Sects
وجهاد في سبيله، وقد خوطب بهذا المؤمنين في آخر الأمر، كما قاله شيخ الإسلام، فقيل لهم: ﴿إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا﴾ ١، أي: حصلتموها، ﴿وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا﴾ ٢، أي: رخصها وفوات وقت نفاقها، ﴿وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا﴾ ٣، أي: لحسنها وطيبها، ﴿أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ﴾ ٤، أي: انتظروا ماذا يحل بكم من عذاب الله، ﴿وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ﴾ ٥، أي: الخارجين عن طاعة الله.
وهو تنبيه على أن من فعل ذلك، فهو من الفاسقين فهذا تشديد، ووعيد عظيم، ولا يخلص منه إلا من صح إيمانه فخلص لله سره وإعلانه، وعلى أن المحبة الصادقة تستلزم تقديم مراضي الله على هذه الثمانية كلها، فكيف بمن آثر بعضها على الله ورسوله، وجهاد في سبيله!
فإن قلت: قد قال شيخ الإسلام: إن كثيرًا من المسلمين أو أكثرهم بهذه الصفة.
قيل: مراده أن كثيرًا من المسلمين قد يكون ما ذكر أحب إليه من الله ورسوله، أي: في إيثار ذلك على فعل أمر الله، وأمر رسوله الذي ينشأ عن المحبة لا في الحب الذي يوجب قصد المحبوب بالتأله، فإن من ساوى بين الله وبين غيره في هذا الحب، فهو مشرك، فكيف إذا كان غير الله أحب إليه كما هو الواقع من عباد القبور، فإنهم يحبون أندادهم أعظم من حب الله، وذلك أن أصل الحب يحتمل الشركة بخلاف الخلة، فإنها لا تقبل الشركة أصلًا، ولهذا قال النبي ﷺ في الحسن وأسامة: "اللهم إني أحبهما وأحب من يحبهما". حديث صحيح.
واعلم أن هذه الآية شبيهة بقوله: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ
١ سورة التوبة آية: ٢٤.
٢ سورة التوبة آية: ٢٤.
٣ سورة التوبة آية: ٢٤.
٤ سورة التوبة آية: ٢٤.
٥ سورة المائدة آية: ١٠٨.
1 / 405