تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد

سليمان بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب ت. 1233 هجري
206

تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد

محقق

زهير الشاويش

الناشر

المكتب الاسلامي،بيروت

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٣هـ/٢٠٠٢م

مكان النشر

دمشق

والأرض شيئًا، ولا بمقدار هذا القطمير، كما قال: ﴿وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلا يَسْتَطِيعُونَ﴾ ١. وقال: ﴿قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الأَرْضِ ...﴾ ٢. فمن كان هذا حاله فكيف يدعى من دون الله؟ ونفى عنهم سماع الدعاء بقوله: ﴿إِنْ تَدْعُوهُمْ لا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ﴾ ٣. يعني أن الآلهة التي تدعونها لا يسمعون دعاءكم؛ لأنهم أموات أو ملائكة مشغولون بأحوالهم مسخرون لما خلقوا له أو جماد، فلعل المشرك يقول: هذا في الأصنام، أما الملائكة والأنبياء والصالحون فيسمعون ويستجيبون، فنفى سبحانه ذلك بقوله: ﴿وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ﴾، أي: لا يقدرون على ما تطلبون منهم، وما خص تعالى الأصنام، بل عم جميع مَن يدعى مِن دونه. ومن المعلوم أنهم كانوا يعبدون الملائكة والأنبياء والصالحين، كما ذكر الله تعالى ذلك في كتابه، فلم يرخص في دعاء أحد منهم لا استقلالًا ولا وساطة بالشفاعة. وقوله: ﴿يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ﴾ ٤. كقوله: ﴿وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بِعِبَادَتِهِمْ وَيَكُونُونَ عَلَيْهِمْ ضِدًّا﴾ ٥. وهذا نص صريح على أن من دعا غير الله فقد أشرك بشرطه، وأن المدعوين يكفرون به يوم القيامة، ويتبرءون منهم كقوله تعالى: ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَابُ﴾ ٦.فهل على كلام رب العزة استدراك؟ ولهذا قال: ﴿وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ﴾ أي: ولا يخبرك بعواقب الأمور ومآلها وما تصير إليه مثل خبير بها. قال قتادة: يعني نفسه ﵎، فإنه أخبر بالواقع لا محالة.

١ سورة النحل آية: ٧٣. ٢ سورة سبأ آية: ٢٢. ٣ سورة فاطر آية: ١٤. ٤ سورة فاطر آية: ١٤. ٥ سورة آية: ٨١-٨٢. ٦ سورة البقرة آية: ١٦٦.

1 / 208