تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن

عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي ت. 1376 هجري
54

تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن

الناشر

وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا﴾ [الإسراء: ٢٣] ﴿وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّي ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: ٢٤] والأمر بالإحسان إلى الوالدين وإطلاقه يدخل فيه كل ما عده الناس إحسانا، وذلك يختلف باختلاف الأوقات والأحوال والأشخاص. وفيه النهي عن ضد الإحسان إليهما، وهو أمران: الإساءة والعقوق الذي هو إيصال الأذى القولي والفعلي إليهما، وترك القيام ببعض حقوقهما الواجبة، والأمر الثاني: ترك الإحسان وترك الإساءة، فإن ذلك داخل في العقوق، فلا يسع الولد أن يقول إذا قمت بواجب والدي وتركت معصيتهما فقد قمت بحقهما، فيقال: بل عليك أن تبذل لهما من الإحسان الذي تقدر عليه ما يجعلك في مرتبة الأبرار البارين بوالديهم. وقوله: ﴿كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ [الإسراء: ٢٤] بيان لبعض الأسباب الموجبة للبر، وأن الوالدين اشتركا في تربية بدنك وروحك بالتغذية والكسوة والحضانة والقيام بكل المؤن، وبالتعليم والإرشاد والإلزام بطاعة الله والآداب والأخلاق الجميلة، وفي هذا دليل على أن كل من له عليك حق تربية - بقيام بمؤنة نفقة وكسوة وغيرها - أن له حقا عليك بالإحسان والبر والدعاء؛ وأعلى من ذلك من له حق عليك بتربية عقلك وروحك تربية علمية تهذيبية أن له الحق الأكبر عليك؛ وهذا من جملة فضائل أهل العلم المعلمين العاملين، ومن حقوقهم على الناس، فإنهم ربما فاقوا في هذه التربية تربية الوالدين بأضعاف مضاعفة، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء.

1 / 56