تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن
الناشر
وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٢٢هـ
مكان النشر
المملكة العربية السعودية
تصانيف
هذا من الأدلة على أن الحيوانات تعرف ربها وتسبِّحه وتوحِّده، وتحب المؤمنين وتدين لربها بذلك، وتبغض الكفار المكذبين، وتدين بذلك، فقال له سليمان:
﴿سَنَنْظُرُ أَصَدَقْتَ أَمْ كُنْتَ مِنَ الْكَاذِبِينَ - اذْهَبْ بِكِتَابِي هَذَا فَأَلْقِهِ إِلَيْهِمْ ثُمَّ تَوَلَّ عَنْهُمْ فَانْظُرْ مَاذَا يَرْجِعُونَ﴾ [النمل: ٢٧ - ٢٨]
فذهب بالكتاب فألقاه في حجر المرأة: ملكة سبأ، فلما قرأته عظمته جدا، وأُرعبت منه فزعا، وجمعت رؤساء قومها فقالت:
﴿يا أَيُّهَا الْمَلَأُ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتَابٌ كَرِيمٌ - إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمَانَ وَإِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ - أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: ٢٩ - ٣١]
كتاب مختصر جامع فيه المقصود كله، قالت:
﴿يا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي﴾ [النمل: ٣٢]
أي: أشيروا عليَّ، وهذا من حزمها وحسن تدبيرها استعملت المشورة مع رؤساء قومها.
﴿مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ - قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ﴾ [النمل: ٣٢ - ٣٣]
أي: مستعدون لما تقولين حربا وسلما، وأرجعنا الأمر إلى ما تختارين، فمن عزمها وحزمها وبعد نظرها عدلت عن الحرب، واختارت السلم لكن بصورة حازمة، فقالت: سأهدي له هدية حاضرة:
﴿فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ﴾ [النمل: ٣٥]
إن كان من الملوك الذي ليس لهم هم إلا الدنيا فربما أن الهدية كسرت سورته، وفلَّت عزيمته، وسالمنا وسالمناه من بعيد، وإن كان غير
1 / 243