219

تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن

الناشر

وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

﴿أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ إِنَّكَ لَأَنْتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ﴾ [هود: ٨٧] وقال تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾ [العنكبوت: ٤٥] ومن هنا تعرف حكمة الله ورحمته في أنه فرض علينا الصلوات، تتكرر في اليوم والليلة لعظم وقعها، وشدة نفعها، وجميل آثارها، فللَّه على ذلك أتم الحمد. ومنها: أن العبد في حركات بدنه وتصرفاته، وفي معاملاته المالية، داخل تحت حجر الشريعة، فما أبيح له منها فعله، وما منعه الشرع تعين عليه تركه، ومن يزعم أنه في ماله حر له أن يفعل ما يشاء من معاملات طيبة وخبيثة، فهو بمنزلة من يرى أن عمل بدنه كذلك، وأنه لا فرق عنده بين الكفر والإيمان، والصدق والكذب، وفعل الخير والشر، الكل مباح، ومن المعلوم أن هذا هو مذهب الإباحيين الذين هم شر الخليقة، ومذهب قوم شعيب يشبه هذا؛ لأنهم أنكروا على شعيب لما نهاهم عن المعاملات الظالمة، وأباح لهم سواها، فردوا عليه أنهم أحرار في أموالهم، لهم أن يفعلوا فيها ما يريدون، ونظير هذا قول من قال: إنما البيع مثل الربا، فمن سوَّى بين ما أباحه وبين ما حرمه الله فقد انحرف في فطرته وعقله بعدما انحرف في دينه. ومنها: أن الناصح للخلق الذي يأمرهم وينهاهم من تمام قبول الناس له: أنه إذا أمرهم بشيء أن يكون أول الفاعلين له، وإذا نهاهم عن شيء كان أول التاركين؛ لقول شعيب: ﴿وَمَا أُرِيدُ أَنْ أُخَالِفَكُمْ إِلَى مَا أَنْهَاكُمْ عَنْهُ﴾ [هود: ٨٨]

1 / 221