تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن

عبد الرحمن بن ناصر بن السعدي ت. 1376 هجري
147

تيسير اللطيف المنان في خلاصة تفسير القرآن

الناشر

وزارة الشئون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٢٢هـ

مكان النشر

المملكة العربية السعودية

تصانيف

﴿إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] دليل على أنه لا يقع الطلاق إلا بعد النكاح، وأن من علق طلاقا بنكاح امرأة لم ينعقد هذا التعليق، ولم يقع عليها شيء إذا نكحها؛ لأن النكاح لا يراد به خلاف مقصوده، وهذا بخلاف تعليق عتق المملوك للغير بملكه إياه، فإنه صحيح ويعتق إذا ملكه؛ لأن تملك الرقيق يقصد به العتق، وهو مقصود شرعي صحيح. وقوله: ﴿فَمَتِّعُوهُنَّ﴾ [الأحزاب: ٤٩] فيه الأمر بتمتيع المفارقة بالطلاق قبل المسيس مطلقا، وفي آية البقرة الأمر بالتمتيع إذا لم يسم لها مهرا، فإن سمى لها مهرا فإنه يتنصف إذا طلقها قبل الدخول، ويكون نصف الصداق هو المتعة كما قال تعالى: ﴿لَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ إِنْ طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ مَا لَمْ تَمَسُّوهُنَّ أَوْ تَفْرِضُوا لَهُنَّ فَرِيضَةً وَمَتِّعُوهُنَّ عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ مَتَاعًا بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُحْسِنِينَ - وَإِنْ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ وَقَدْ فَرَضْتُمْ لَهُنَّ فَرِيضَةً فَنِصْفُ مَا فَرَضْتُمْ إِلَّا أَنْ يَعْفُونَ أَوْ يَعْفُوَ الَّذِي بِيَدِهِ عُقْدَةُ النِّكَاحِ وَأَنْ تَعْفُوا أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٦ - ٢٣٧] فحث على العفو في هذا الموضع الخاص لنفعه وعظم موقعه، وقال: ﴿وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ﴾ [البقرة: ٢٣٧] وهذا إرشاد عظيم نافع في جميع المعاملات أنه ينبغي للعبد فيها أن لا يستقصي في كل شيء، بل يجعل للفضل محلا من عفو ومحاباة وإعطاء أزيد مما في الذمة قدرا أو وصفا، وقبول أدنى من الحق كمية وكيفية، فكم حصل بهذا الفضل - وإن كان طفيفا - خير كثير وأجر كبير، ومعروف وبركة، وراحة فكر وطمأنينة قلب. وفي قوله: ﴿وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: ٢٤١]

1 / 149