ذلك مشهد كان في النفس غريب الأثر!
أتبعتها بصري، وهي تصعد إلى الرواق الأيمن في السلم الصغير المهدم. هنالك وجهت وجهها إلى القمر، ورفعت ذراعيها متوسلة في بطء وطول.
كانت في ذلك الوضع جميلة أخاذة بمجامع القلوب، مصورة من شرف مصفى، وإيمان متأجج، ورقة شعرية، حتى لخيل لي لشدة ما تأملتها أنها شعاع منبعث من البدر.
كنت جد مستغرقة في أحلامي، فلم أشعر - بادئ الأمر - بمدخل قادم آخر، يخر ساجدا لتمثال «آمون»، كان طوالا مهيبا عليه سيما الجنود.
لم ألمح وجهه، فجعلت أسأل نفسي: من ذا عسى أن يكون هذا الذي جاء - كسنة العصور الماضية - يقيم شعائر غامضة الأسرار؟!
قد يكون «نيكتانيبو» أو «توتمس» أو«ساهاركا» أو «شاباكا».
كلا، ما هو هذا ولا ذاك، فقد استدار فجأة، فرأيت أنه «رمسيس الثالث» لا سواه.
عرفته بجلبابه الفخم المعلم، كما عرفته بتألق حليه العجيبة، ثم عرفته بنظره الفولاذي، الذي يلمع فيه ضياء كل ما ملك نواصيه من الآفاق.
ورأيي أن الغزاة الفاتحين يعرفون بذلك السحر الذي ينفثونه في الجماهير، متى رموها بأبصارهم.
عرفت «رمسيس الثالث» بعينيه الخلابتين، عيني متحكم في عزائم الرجال.
صفحة غير معروفة