توجيه النظر إلى أصول الأثر

طاهر الجزائري ت. 1338 هجري
41

توجيه النظر إلى أصول الأثر

محقق

عبد الفتاح أبو غدة

الناشر

مكتبة المطبوعات الإسلامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦ هجري

مكان النشر

حلب

الْفَائِدَة الأولى الِاصْطِلَاح اتِّفَاق الْقَوْم على اسْتِعْمَال لفظ فِي معنى معِين غير الْمَعْنى الَّذِي وضع لَهُ فِي أصل اللُّغَة وَذَلِكَ كَلَفْظِ الْوَاجِب فَإِنَّهُ فِي أصل اللُّغَة بِمَعْنى الثَّابِت وَاللَّازِم وَقد اصْطلحَ الْفُقَهَاء على وَضعه لما يُثَاب الْمَرْء على فعله ويعاقب على تَركه واصطلح المتكلمون على وَضعه لما لَا يتَصَوَّر فِي الْعقل عَدمه وَاللَّفْظ إِذا اسْتعْمل فِي الْمَعْنى الَّذِي وَضعه لَهُ المصطلحون يكون حَقِيقَة بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِم ومجازا بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَيرهم قَالَ فِي الْمِفْتَاح الْحَقِيقَة هِيَ الْكَلِمَة المستعملة فِي مَعْنَاهَا بالتحقيق والحقيقة تَنْقَسِم عِنْد الْعلمَاء إِلَى لغوية وشرعية وعرفية وَالسَّبَب فِي انقسامها هَذَا هُوَ مَا عرفت أَن اللَّفْظَة يمْتَنع أَن تدل على مُسَمّى من غير وضع فَمَتَى رَأَيْتهَا دَالَّة لم تشك فِي أَن لَهَا وضعا وَأَن لوضعها صاحبا فالحقيقة لدلالتها على الْمَعْنى تستدعي صَاحب وضع قطعا فَمَتَى تعين عنْدك نسبت الْحَقِيقَة إِلَيْهِ فَقلت لغوية إِن كَانَ صَاحب وَضعهَا وَاضع اللُّغَة وَقلت شَرْعِيَّة إِن كَانَ صَاحب وَضعهَا الشَّارِع وَمَتى لم يتَعَيَّن قلت عرفية وَهَذَا المأخذ يعرفك أَن انقسام الْحَقِيقَة إِلَى أَكثر مِمَّا هِيَ منقسمة إِلَيْهِ غير مُمْتَنع فِي نفس الْأَمر اهـ هَذَا وَقد ذكر الْمُحَقِّقُونَ أَنه يَنْبَغِي لمن تكلم فِي فن من الْفُنُون أَن يُورد الْأَلْفَاظ المتعارفة فِيهِ مُسْتَعْملا لَهَا فِي مَعَانِيهَا الْمَعْرُوفَة عِنْد أربابه ومخالف ذَلِك إِمَّا جَاهِل بِمُقْتَضى الْمقَام أَو قَاصد للإبهام أَو الْإِيهَام مِثَال ذَلِك فِيمَا نَحن فِيهِ أَن يَقُول قَائِل عَن حَدِيث ضَعِيف إِنَّه حَدِيث حسن فَإِذا اعْترض عَلَيْهِ قَالَ وَصفته بالْحسنِ بِاعْتِبَار الْمَعْنى اللّغَوِيّ لاشتمال هَذَا الحَدِيث على حِكْمَة بَالِغَة وَأما قَوْلهم لَا مشاحة فِي الِاصْطِلَاح فَهُوَ من قبيل تمحل الْعذر وَقَائِل ذَلِك عاذل فِي صُورَة عاذر

1 / 78