337

توجيه النظر إلى أصول الأثر

محقق

عبد الفتاح أبو غدة

الناشر

مكتبة المطبوعات الإسلامية

الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦ هجري

مكان النشر

حلب

ثمَّ إِن التِّرْمِذِيّ لم ينْفَرد بِهَذَا المصطلح بل سبقه إِلَيْهِ شَيْخه البُخَارِيّ كَمَا نَقله ابْن الصّلاح فِي غير مُخْتَصره وَالزَّرْكَشِيّ وَابْن حجر فِي نكتهما
قَالَ الزَّرْكَشِيّ وَاعْلَم أَن هَذَا السُّؤَال يرد بِعَيْنِه فِي قَول التِّرْمِذِيّ هَذَا حَدِيث حسن غَرِيب لِأَن من شَرط الْحسن أَن يكون مَعْرُوفا من غير وَجه والغريب مَا انْفَرد بِهِ أحد رُوَاته وَبَينهمَا تناف
قَالَ وَجَوَابه ان الْغَرِيب يطبق على أَقسَام غَرِيب من جِهَة الْمَتْن وغريب من جِهَة الْإِسْنَاد وَالْمرَاد هُنَا الثَّانِي دون الأول لِأَن هَذَا الْغَرِيب مَعْرُوف عَن جمَاعَة من الصَّحَابَة لَكِن تفرد بَعضهم بروايته عَن صَحَابِيّ فبحسب الْمَتْن حسن وبحسب الْإِسْنَاد غَرِيب لِأَنَّهُ لم يروه من تِلْكَ الْجَمَاعَة إِلَّا وَاحِد وَلَا مُنَافَاة بَين الْغَرِيب بِهَذَا الْمَعْنى وَبَين الْحسن بِخِلَاف سَائِر الغرائب فَإِنَّهَا تنَافِي الْحسن انْتهى مَا نقل من قوت المغتذي
وَقد سُئِلَ الْعَلامَة تَقِيّ الدّين بن تَيْمِية عَن هَذِه الْمَسْأَلَة وَمَا يتَعَلَّق بهَا فَقَالَ الْجَواب أما الْغَرِيب فَهُوَ الَّذِي لَا يعرف إِلَّا من طَرِيق وَاحِد ثمَّ قد يكون صَحِيحا كَحَدِيث الْأَعْمَال بِالنِّيَّاتِ وَنَهْيه عَن بيع الْوَلَاء وهبته وَحَدِيث أَنه دخل مَكَّة وعَلى رَأسه المغفر فَهَذِهِ صِحَاح فِي البُخَارِيّ وَمُسلم وَهِي غَرِيبَة عَن أهل الحَدِيث
فَالْأول إِنَّمَا ثَبت عَن يحيى بن سعيد الْأنْصَارِيّ عَن مُحَمَّد بن إِبْرَاهِيم التَّيْمِيّ عَن عَلْقَمَة بن وَقاص اللَّيْثِيّ عَن عمر بن الْخطاب
وَالثَّانِي إِنَّمَا يعرف من حَدِيث عبد الله بن دِينَار عَن عبد الله بن عمر وَالثَّالِث إِنَّمَا يعرف من رِوَايَة مَالك عَن الزُّهْرِيّ عَن أنس وَلَكِن أَكثر الغرائب ضَعِيفَة
وَأما الْحسن فِي اصْطِلَاح التِّرْمِذِيّ فَهُوَ مَا رُوِيَ من وَجْهَيْن وَلَيْسَ فِي رُوَاته من هُوَ مُتَّهم بِالْكَذِبِ وَلَا هُوَ شَاذ مُخَالف للأحاديث الصَّحِيحَة فَهَذِهِ الشُّرُوط هِيَ الَّتِي شَرطهَا التِّرْمِذِيّ فِي الْحسن
لكم من النَّاس من يَقُول قد يُسَمِّي حسنا مَا لَيْسَ كَذَلِك مثل حَدِيث يَقُول فِيهِ حسن غَرِيب فَإِنَّهُ لم يرو إِلَّا من وَجه وَاحِد وَقد سَمَّاهُ حسنا

1 / 389