توجيه النظر إلى أصول الأثر

طاهر الجزائري ت. 1338 هجري
164

توجيه النظر إلى أصول الأثر

محقق

عبد الفتاح أبو غدة

الناشر

مكتبة المطبوعات الإسلامية

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤١٦ هجري

مكان النشر

حلب

على مَا يَقْتَضِي وَلَو لم يقتض إِلَّا اثْنَيْنِ من النَّوْع فَإِن ذَلِك عُمُوم لَهُ وَإِنَّمَا أَنْكَرْنَا تَخْصِيص مَا اقْتَضَاهُ اللَّفْظ بِلَا دَلِيل أَو التَّوَقُّف فِيهِ بِلَا دَلِيل مثل قَوْله تَعَالَى ﴿وَلَا تقتلُوا النَّفس الَّتِي حرم الله إِلَّا بِالْحَقِّ﴾ فَقُلْنَا هَذَا عُمُوم لكل نفس حرمهَا الله من إِنْسَان ملي أَو ذمِّي وم حَيَوَان نهي عَن قَتله إِمَّا لتملك غَيرنَا لَهُ أَو لبَعض الْأَمر وَمن خَالَفنَا لزمَه أَن لَا ينفذ تَحْرِيم قتل نفي إِلَّا بِدَلِيل وَمثل قَوْله ﵊ كل مُسكر حرَام فَالْوَاجِب أَن يحمل على كل مُسكر وَمن تعدى هَذَا فقد أبطل حكم اللُّغَة وَحكم الْعقل وَحكم الدّيانَة قَالَ عَليّ وشغبوا أَيْضا بآيَات الْوَعيد مثل قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِن الْفجار لفي جحيم﴾ ﴿وَمن لم يحكم بِمَا أنزل الله فَأُولَئِك هم الْكَافِرُونَ﴾ وَقَالُوا إِنَّهَا غير مَحْمُولَة على عمومها قَالَ وَنحن لم ننكر تَخْصِيص الْعُمُوم بِدَلِيل نَص آخر أَو ضَرُورَة حس وَإِنَّمَا أَنْكَرْنَا تَخْصِيصه بِلَا دَلِيل وَمِمَّا احْتَجُّوا بِهِ أَن قَالُوا قَالَ الله تَعَالَى ﴿تدمر كل شَيْء﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿مَا تذر من شَيْء أَتَت عَلَيْهِ إِلَّا جعلته كالرميم﴾ وَقَالَ تَعَالَى ﴿وَأُوتِيت من كل شَيْء﴾ وَقد علمنَا أَن الرّيح لم تدمر كل شَيْء فِي الْعَالم وَأَن بلقيس لم تؤت من كل شَيْء لِأَن سُلَيْمَان ﵇ أُوتِيَ مَا لم تؤت هِيَ قَالَ عَليّ وَهَذَا كُله لَا حجَّة لَهُم فِيهِ أما قَوْله تَعَالَى ﴿تدمر كل شَيْء﴾ فَإِنَّهُ لم يقل ذَلِك وَأمْسك بل قَالَ تَعَالَى ﴿تدمر كل شَيْء بِأَمْر رَبهَا﴾ فصح بِالنَّصِّ عُمُوم هَذَا اللَّفْظ لِأَنَّهُ تَعَالَى إِنَّمَا قَالَ إِنَّهَا دمرت كل شَيْء على الْعُمُوم من الْأَشْيَاء الَّتِي أمرهَا الله تَعَالَى بتدميرها فَسقط احتجاجهم بِهَذِهِ الْآيَة

1 / 204