" من تقرب إلي شبرا، تقربت إليه ذراعا "
، وقال تعالى:
" لا يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته، كنت له سمعا وبصرا "
، وهذا هو حقيقة الوصول والوصال، ولكن الفرق بين النبي والولي في ذلك: إن النبي مستقل بنفسه في السير إلى الله، ويكون خطه من كمل مقام بحسب استعداده الكامل، والولي لا يمكنه السير إلى الله إلا في متابعة النبي صلى الله عليه وسلم تسليكه في سبيل
أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني
[يوسف: 108]، ويكون خطه من المقامات بحسب استعداده، فافهم جيدا.
ثم في قوله تعالى: { وخلق الإنسان ضعيفا } [النساء: 28]، على عقيب هذه البشارات والإشارات، إشارات أنه لو لم يكن جذبات العناية الأزلية في حق الإنسان لما وصل سير خشيته إلى سرادقات جلال صمديته، ولو قدر لواحد قوة سير الثقلين إلى الأبد، وهذا أحد معاني قوله صلى الله عليه وسلم:
" جذبة من جذبات الرحمن توازي عمل الثقلين "
، وإن المجذوب يصل بقوة جذبة من جذبات الحق إلى مقام لا يصل إليه الثقلان بسعيهم؛ لأن الإنسان خلق ضعيفا وغيره أضعف منه، فإن ضعف الإنسان إنما هو بالنسبة إلى قوة جلال الله وكماله، وإنه أقوى من السماوات والأرض والجبال وأهاليها في حمل الأمانة المعروضة عليهن كلهن،
فأبين أن يحملنها وأشفقن منها وحملها الإنسان
صفحة غير معروفة