377

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

تصانيف

وداعيا إلى الله

[الأحزاب: 46]، فحثهم بالاتقاء والحذر من النار كما قال تعالى:

واتقوا النار التي أعدت للكافرين

[آل عمران: 131]؛ يعني: هم مخصوصون بها؛ لأنهم ما اتقوا عن الشرك ومتابعة الهوى، فإن ترك الهوى ينجي به من النار وهو التوحيد والائتمار بأوامر الله تعالى، والانتهاء عن نواهيه.

وحرضهم عن المسارعة إلى الجنة بقوله تعالى: { وسارعوا إلى مغفرة من ربكم } [آل عمران: 133]؛ أي: سارعوا بقدم التقوى إلى مقام من المقامات قرب ربكم، { وجنة عرضها السموت والأرض } [آل عمران: 133]، والإشارة فيها: إن الوصول إليها بعد العبور عن ملك السماوات والأرض وهي المحسوسات التي تدركها الحواس الخمس، والعبور عنها إنما يكون بقدم التقوى الذي هو تزكية النفس عن الأخلاق الذميمة الحيوانية والسبعية والشيطانية، كما قال تعالى: { أعدت للمتقين } [آل عمران: 133]، فإن التقوى التي تولج به في عالم الملكوت هي التزكية لقوله تعالى:

جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها

[طه: 76]، وذلك جزاء من تزكى، ويدل عليه ما قال النبي صلى الله عليه وسلم عن عيسى عليه السلام:

" لن يلج ملكوت السماوات والأرض من لم يولد مرتين "

، فالولادة الثانية هي الخروج عن الصفات الحيوانية بتزكية النفس عنها، وولوج الملكوت هو التحلية بالصفات الروحانية، فافهم جيدا.

وقوله تعالى: { أعدت للمتقين } [آل عمران: 133]؛ أي: هم مخصوصون ومراتبهم في الدرجات العلا بقدر تقوى النفوس وتزكيتها.

صفحة غير معروفة