قسم منه: { آيات محكمات هن أم الكتاب } [آل عمران: 7]؛ أي ظاهر واضح، تنزيله فيه مشرب الخواص والعوام؛ لبسط الشرع والاهتداء، وقسم: { متشابهات } [آل عمران: 7]، غامض مشكل تأويله فيه مشرب الخواص وخواص الخواص؛ لاختفاء الأسرار عن الأغيار للابتلاء، { فأما الذين في قلوبهم زيغ } [آل عمران: 7]، ألبست قلوبهم غطاء الريب وحرموا أنوار الغيب؛ وهم أهل الهواء والبدع، { فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة } [آل عمران: 7]؛ ليضلوا بأهوائهم، { وابتغاء تأويله } [آل عمران: 7]؛ ليضلوا الناس بآرائهم،
والفتنة أكبر من القتل
[البقرة: 217]، وأما الذين أيدوا بأنوار الفضل وجردوا عن أطمار الجهل هم: { والراسخون في العلم } [آل عمران: 7]، فيلقون السمع بحضور نفسه فيما يسنح لفهومهم من لوائح التعريفات بلوامع أنوار الحق، { وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به } [آل عمران: 7]، في تحقيق التأويل { كل من عند ربنا } [آل عمران: 7]، التعريف للتحقيق، والتفهيم للتأويل، { وما يذكر إلا أولوا الألباب } [آل عمران: 7]، ففي التذكير إشارة إلى: إن العلوم التي تحصل للراسخين في العلم من تأويل القرآن وغيره؛ إنما هي من تعليم الله لهم في عهده الميثاق، إذا تجلى بصفة الربوبية للذات.
وأشهدهم على أنفسهم
[الأعراف: 172] بشواهد الربوبية
ألست بربكم
[الأعراف: 172]، فشهدوا، وتلك الشهادة ركزت في جبلة الذرات علم التوحيد فيه،
قالوا بلى
[الأعراف: 172]، فتعلمت النفوس على التوحيد ونطقت به في ذلك العهد، والعلوم كلها مدرجة في علم التوحيد، كما قال تعالى:
وعلم ءادم الأسمآء كلها
صفحة غير معروفة