315

التأويلات النجمية في التفسير الإشاري الصوفي

تصانيف

فترى المجرمين مشفقين مما فيه ويقولون يويلتنا مال هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا

[الكهف: 49]، فما بال العالمين مع الله تعالى ينامون غافلين عن الله، وقد أسكرتهم مشارب الآمال حتى نسوا قرب الآجال، فرحم الله امرؤ تنبه عن نوم غفلته، ويعلم أن الكتاب بأمر الله يكتبون عليه في صباحه ومسائه، وما يكتبون الآن إملائه وأنه بالقليل والكثير فيما علا يخاطب، وبالنقير والقطمير على ما يميل عن الحق يعاتب فيحاسب نفسه قبل أن يحاسب، ويعرف على نفسه ما هو حق الحق فيمليه على كاتبه بلسان صدق من غير ثوان وفتور ولا نقصان، وقصوركما أشير إليه في إملاء ما عليه { الذي عليه الحق وليتق الله ربه ولا يبخس منه شيئا } [البقرة: 282]، فعليه أن على الحق بالحق كما على الحق للحق.

{ فإن كان الذي عليه الحق } [البقرة: 282]؛ أي: حق الحق { سفيها } [البقرة: 282]؛ أي: جاهلا بإملاء الحق للحق من اشتغاله بالباطل للباطل { أو ضعيفا } [البقرة: 282]؛ أي: عاجزا مغلوبا بغلبات سفاهة نفسه { أو لا يستطيع أن يمل هو فليملل وليه } [البقرة: 282]؛ أي: ممنوع بالموانع، معوق بالعوائق، ومغلوب بالعلائق، لا قدرة له على إملاء ما ينفعه ولا يضره، ولا قوة له في إنهاء ما لا يجوز، وبشره { فليملل وليه بالعدل } [البقرة: 282]؛ أي: فليرجع إلى وليه وليشك إليه ما يسره ويحزنه مما لديه، ويستعين به على إملاء ما له وعليه، فإن لكل قوم وليا يخرجهم من الأحزان إلى السرور، ومن الأسجان إلى القصور،

الله ولي الذين آمنوا يخرجهم من الظلمات إلى النور

[البقرة: 257]، ومن الأشجان إلى الحبور، ومن العجز والفتور إلى القوة والحضور.

{ بالعدل واستشهدوا شهيدين من رجالكم } [البقرة: 282]؛ أي: استصبحوا من أرباب القلوب،

لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد

[ق: 37] من الذين هم بالنسبة رجالكم وأنتم نساؤهم، { فإن لم يكونا رجلين } [البقرة: 282] من أرباب القلوب { فرجل } [البقرة: 282] منهم، { وامرأتان } [البقرة: 282]؛ يعني: رجلين منكم وإن لم يكونا من الرجال البالغين، ليكون صلاحية الرجلين من أهل الصلاح، بمثابة قوة رجل من أهل الولاية في بدء الصحبة { ممن ترضون من الشهدآء } [البقرة: 282]؛ يعني: أن يكون من شهداء الله، كما قال صلى الله عليه وسلم:

" أنتم شهداء الله في أرضه "

، { أن تضل إحداهما } [البقرة: 282]، وطريق الحق عن جادة الاستقامة.

صفحة غير معروفة