ثم أخذ رسول الله (صلى الله عليه وآله ) بيدي فقال: «يا أبا رافع ليكونن علي منك بمنزلتي غير أنه لا نبي بعدي، إنه سيقاتله قوم يكون حقا في الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فجاهدهم بلسانه، فإن لم يستطع بلسانه فجاهدهم بقلبه، ليس وراء ذلك شيء، وهو على الحق وهم على الباطل».
قال: ثم خرج وقال: «أيها الناس من كان يحب أن ينظر إلى أميني فهذا أميني»، يعني أبا رافع.
قال محمد بن عبيد الله: فلما بويع علي بن أبي طالب (عليه السلام) وسار طلحة والزبير إلى البصرة(1) وخالفه معاوية وأهل الشام، قال أبو رافع: هذا قول رسول الله (صلى الله عليه وآله ): «إنه سيقاتل عليا قوم يكون حقا في الله جهادهم، فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه، ليس وراء ذلك شيء».
فباع أبو رافع داره وأرضه بخيبر، ثم خرج مع علي (عليه السلام) بقبيلته وعياله وهو شيخ كبير ابن خمس وثمانين سنة، ثم قال: الحمد لله لقد أصبحت وما أعلم أحدا بمنزلتي: لقد بايعت البعتين بيعة العقبة وبيعة الرضوان ولقد صليت القبلتين وهاجرت الهجر الثلاث.
فقيل له: وما الهجر الثلاث؟
قال: هجرة مع جعفر بن أبي طالب إلى أرض النجاشي إذ بعثه رسول الله(صلى الله عليه وآله )، وهجرة إلى المدينة مع رسول الله (صلى الله عليه وآله )، وهذه هجرة مع علي بن أبي طالب (عليه السلام) إلى الكوفة.
ثم لم يزل معه حتى استشهد أمير المؤمنين (عليه السلام) ورجع أبو رافع مع الحسن (عليه السلام) إلى المدينة ولا دار له ولا أرض، فقسم له الحسن (عليه السلام) دار علي بن أبي طالب نصفين وأعطاه بينبع أرضا أقطعها إياه، فباعها عبيد الله بن أبي رافع بعد من معاوية بمائتي ألف درهم وستين ألفا(2).
صفحة ٨٩