5
ثالثا: تتجه الظاهريات التطبيقية دائما إلى غاية عملية، في حين أن الظاهريات النظرية ليست لها أي غاية عملية محددة. الظاهريات العملية أساسا ظاهريات غائية ، في حين أن الظاهريات النظرية يتم فيها التحليل من أجل التحليل.
6
وبالرغم من أن التحليل دقيق إلا أنه لا ينتهي إلى أي غاية عملية. في الظاهريات النظرية العلم من أجل العلم، وفي الظاهريات العملية العلم من أجل الحياة.
7
وبالإضافة إلى هذه المميزات السابقة تجد كثير من المشاكل في الظاهريات النظرية حلولها في الظاهريات التطبيقية؛ فالواقع أنه في الظاهريات النظرية يظل الشعور عالما أكثر اتساعا من العالم الواقعي. يحتوي تصورات ومقولات وميادين يتكون فيها الموضوع. لا يكفي وضع الموضوع المادي بين قوسين، الرد الظاهرياتي. ولا يكفي أن ينتزع من الموضوع الحي كل الآثار النفسية، الرد النظري، لأن ما تبقى يظل محاطا ومغلفا بالمؤلف نفسه بتصورات ومقولات وميادين أو مركباتها، مثل: تصورات ميدانية، مقولات تصورية، ميادين أنطولوجية، أنطولوجيات ميدانية ... إلخ. ولا يهم إذا كانت عوامل الشعور هذه واقعية أم لا واقعية، ما يهم هو ما يتبقى من الموضوع بعد أن تم رده مرتين ثم تغليفه مرات عديدة. هذه الملاحظة ليست موجهة من إمكانية قيام أنطولوجيا كعلم شامل، بل هي فقط تذكير بمبدأ «العود إلى الأشياء ذاتها». في الظاهريات التطبيقية، يظهر الموضوع في واقعيته الخاصة دون أي تغليف عقلي. التطبيق يبغي الواقع، ويتجه نحوه؛ فالواقع أغنى وأكثر دسامة من التصورات والمقولات.
ما زالت الظاهريات النظرية ملجأ يؤكد أهمية شرعية القبلي، طبقا للميراث الفلسفي الذي منه خرجت.
8
من أين يأتي هذا القبلي؟ تحاول الفلسفة التطبيقية حل هذا الإشكال عن طريق إيجاد معطى أساسي كمصدر للقبلي.
9
صفحة غير معروفة