تأويل مشكل القرآن
محقق
إبراهيم شمس الدين
الناشر
دار الكتب العلمية
مكان النشر
بيروت - لبنان
ومنه قوله: وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥) [المسد: ٤، ٥]، قال ابن عباس: في رواية أبي صالح عنه: الحطب: النّميمة وكانت تنم وتؤرّش بين الناس.
ومن هذا قيل: (فلان يحطب عليّ) إذا أغرى به، شبّهوا النّميمة بالحطب، والعداوة والشحناء بالنار، لأنهما يقعان بالنميمة، كما تلتهب النار بالحطب. ويقال: نار الحقد لا تخبو فاستعاروا الحطب في موضع النميمة. وقال الشاعر وذكر امرأة «١»:
من البيض لم تصطد على حبل سوأة ... ولم تمش بين الحيّ بالحظر الرّطب
أي لم توجد على أمر قبيح، ولم تمش بالنمائم والكذب.
والحظر: الشّجر ذو الشّوك يحظر به.
وقال آخر «٢»:
فلسنا كمن تزجى المقالة شطره بقرف العضاه الرّطب والعبل اليبس وقال بعض المتقدمين: كانت تعيّر رسول الله، ﷺ، بالفقر كثيرا، وهي تحتطب على ظهرها بحبل من ليف في عنقها.
ولست أدري كيف هذا لأنّ الله ﷿ وصفه بالمال والولد، فقال: ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) [المسد: ٢] .
وأما المسد، فهو عند كثير من الناس: اللّيف دون غيره. وليس كذلك، إنما المسد: كلّ ما ضفر وفتل من اللّيف وغيره، يقال: مسدت الحبل مسدا إذا فتلته، فهو مسد. كما تقول: نفضت الشّجرة نفضا وخبطتها خبطا. واسم ما يسقط من ثمرها وورقها: نفض وخبط، ومنه قيل: رجل ممسود الخلق، إذا كان مجدولا مفتولا.
_________
(١) يروى البيت بلفظ:
من البيض لم تصطد على ظهر لأمة ... ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب
والبيت من الطويل، وهو بلا نسبة في لسان العرب (حطب)، (حظر)، (برعم)، ومجمع الأمثال ١/ ١٧٩، ومقاييس اللغة ٢/ ٧٩، وأساس البلاغة (حظر)، وتهذيب اللغة ٤/ ٣٩٤، ٤٥٥، وجمهرة اللغة ص ١٢٨٨، وتاج العروس (حطب)، (حظر) .
(٢) البيت من الطويل، ولم أجده في المصادر والمراجع التي بين يدي.
1 / 103