تأويل مختلف الحدي ث
الناشر
المكتب الاسلامي
رقم الإصدار
الطبعة الثانية-مزيده ومنقحة ١٤١٩هـ
سنة النشر
١٩٩٩م
مكان النشر
مؤسسة الإشراق
كذبٌ -بِحَمْدِ اللَّهِ- وَلَا عَلَى قَائِلِهِ -إِنْ لَمْ يَفْهَمْهُ السَّامِعُ- جُنَاحٌ، إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
وَأَمَّا قَوْلُهُ: قَالَ خَلِيلِي، وَسَمِعْتُ خَلِيلِي". يَعْنِي النَّبِيَّ ﷺ.
وَأَنَّ عَلِيًّا ﵁، قَالَ لَهُ: "مَتَى كَانَ خَلِيلَكَ"؟ ".
فَإِنَّ الْخُلَّةَ بِمَعْنَى الصَّدَاقَةِ وَالْمُصَافَاةِ، وَهِيَ دَرَجَتَانِ، إِحْدَاهُمَا أَلْطَفُ مِنَ الْأُخْرَى.
كَمَا أَنَّ الصُّحْبَةَ دَرَجَتَانِ، إِحْدَاهُمَا أَلْطَفُ مِنَ الْأُخْرَى.
أَلَّا تَرَى أَنَّ الْقَائِلَ: أَبُو بَكْرٍ صَاحِبُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، لَا يُرِيدُ بِهَذَا الْقَوْلِ مَعْنَى صُحْبَةِ أَصْحَابِهِ لَهُ، لِأَنَّهُمْ جَمِيعًا صَحَابَةٌ، فَأَيَّةُ فَضِيلَةٍ لِأَبِي بَكْرٍ ﵁ فِي هَذَا الْقَوْلِ؟. وَإِنَّمَا يُرِيدُ أَنَّهُ أَخَصُّ النَّاسِ بِهِ.
وَكَذَلِكَ الْأُخُوَّةُ الَّتِي جَعَلَهَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ بَيْنَ أَصْحَابِهِ، هِيَ أَلْطَفُ مِنَ الْأُخُوَّةِ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ، فَقَالَ: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ﴾ ١ وَهَكَذَا الْخُلَّةُ.
فَمِنَ الْخُلَّةِ الَّتِي هِيَ أَخَصُّ، قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: ﴿وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا﴾ ٢.
وَقَوْلُ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: "لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ خَلِيلًا لَاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ خَلِيلًا" ٣.
يُرِيدُ لَاتَّخَذْتُهُ خَلِيلًا، كَمَا اتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا.
وَأَمَّا الْخُلَّةُ، الَّتِي تَعُمُّ، فَهِيَ الْخُلَّةُ الَّتِي جَعَلَهَا اللَّهُ تَعَالَى بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ فَقَالَ: ﴿الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ﴾ ٤.
_________
١ الْآيَة ١٠ من سُورَة الحجرات.
٢ الْآيَة ١٢٥ من سُورَة النِّسَاء.
٣ أخرجه البُخَارِيّ: صَلَاة ٨٠ ومناقب الْأَنْصَار ٤٥ وفضائل الصَّحَابَة ٣ و٥ وفرائض ٩ وَمُسلم: مَسَاجِد ٢٨ وفضائل الصَّحَابَة ٢ و٧ وَالتِّرْمِذِيّ: مَنَاقِب ١٤ و١٦، وَابْن ماجة: مُقَدّمَة ١١، والدرامي: فَرَائض ١١ وَأحمد ١/ ٢٧٠ و٣٥٩ و٣/ ١٨ و٤٧٨.
٤ الْآيَة ٦٧ من سُورَة الزخرف.
1 / 92