الذي لا حقيقة معه فإذا استنقى المستجيب من ذلك كله وجب عليه أن ينظر فى أمر مفيده وهو الذي دعاه وأخذ عليه ورباه فيشكر ذلك له ليستحق المزيد منه وينظر إلى ما عسى أن يلحقه من نقص من قبله لشناعة تكون من جهة ذلك أو خطأ يكون منه فيزيل ذلك من نفسه حتى يكون الذي أفاده بريا من قول القائلين من جهته فلا يلحقه نقص ولا عيب من قبله عند خاص وعام وذلك مثل إزالة الرائحة عن يد المستنجى وقد ذكرنا أن مثل يده التى يستنجى بها مثل الذي يفيده العلم والحكمة ويأخذ عليه العهد ويدخله الدعوة فيجب عليه له ما ذكرناه من شكره ومعرفته ومعرفة حقه وبره وتوقى ما يلحقه من النقص من قبله ويجب ذلك عليه لمن فوقه من الحدود البشريين والروحانيين وقد وصى الله فى كتابه بالوالدين إحسانا وأعلى الوالدين من البشريين بنى أهل كل شريعة وأساسه ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلى أنا وأنت يا على أبوا المؤمنين ومنه أيضا قوله تعالى:@QUR03 «ملة أبيكم إبراهيم» لأن محمدا صلى الله عليه وسلم دعوته وهو أبوه وبملته بعث وكذلك من دون النبي صلى الله عليه وسلم والأساس فى كل عصر وزمان من إمام وحجة إلى دون ذلك حتى ينتهى الأمر إلى الداعى والمأذون الذي يكسر له ويدل عليه فمثل الأعلى من كل اثنين من تلك الحدود مثل الوالد ومثل الأسفل مثل الوالدة فينبغى للمستجيب ويجب عليه بر كل واحد منهم ومعرفة حقه وقدره وشكره وحمده والتحفظ من نفسه ألا يدخل عليه نقصا أو ما يجد له من قائل مقالا من أحداثه وجنايته وسوء أفعاله كما يجب كذلك ألا يدخل ذلك فى الظاهر على الأبوين من جهة ولدهما ويجب عليه برهما وشكرهما، وقد فضلكم الله معاشر المؤمنين بأن جعل القيام فى الأخذ عليكم وتربيتكم وإفادتكم العلم والحكمة لصاحب عصركم وإمام زمانكم بلا واسطة من دونه ولا حد فأبانكم بفضل ذلك على عامة من مضى من قبلكم غير قليل قد خصوا بذلك من الأمم أمثالكم فاعرفوا قدر نعمة الله بذلك عليكم واشكروا له ولولى أمركم كنه الشكر بحسب واجبه وحافظوا من أنفسكم ما أمر الله أن تحفظوه لئلا يلحق من أجل ما تحدثون من رفعة الله وطهره وعظمه من قول الجاهليين بقدره مما تحدثون وتفعلون به ما عسى أن يستتب لهم القول من ذلك بما يقولون وإن كان ذلك غير ضار لأولياء الله فإنه مما يصد المستضعفين والجاهلين عنهم ويرزى بأمرهم عندهم فنظفوا أيديكم
صفحة ٩٣