ويتلو ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة ركعتين خفيفتين فى تمكن خير من قيام ليلة، فالتمكن فى ظاهر الصلاة إتمام الركوع والسجود والقيام والقعود والتشهد والحدود كلها المحدودة فى الصلاة وألا ينقص المصلى من ذلك شيئا وذلك فى باطن الصلاة التى هى دعوة الحق القيام بما افترض فيها على المؤمن وأخذ فيه ميثاقه والوفاء بما ألزمه نفسه بتمام ذلك وكماله فمن فعل ذلك كان أفضل ممن يطيل ويكثر البحث والطلب عن علم التأويل الباطن الذي مثله مثل قيام الليل وهو مع ذلك لم يقم بالواجب الذي أخذ عليه فيه ومثله فى الظاهر مثل من يقيم فى الليل فيصلى نافلة وهو لم يكمل الصلاة الفريضة ولا أتمها على ما أمر به.
ويتلو ذلك قول على صلى الله عليه وسلم مثل الذي لا يتم صلاته كمثل حبلى حملت حتى إذا دنا نفاسها أسقطت فلا هى ذات حمل ولا ذات ولد، تأويله فى الباطن أن مثل من أخذ عليه عهد دعوة الحق فلم يقم بما أخذ عليه فيه ولم يكمله مثل من فوتح بالحكمة وعرف بها وحمل العلم فلما تحمل ذلك وصار إليه نبذه ولم يعمل به فلا هو حامل علم يرجى له ثوابه وثواب العمل به ولا هو ممن عمل بذلك ورأى ثمرة علمه وهذا المثل هو الممثول نفسه إذ هو لم يتم ما أخذ عليه الميثاق فيه وكذلك هو فى الظاهر إذا لم يتم صلاته الظاهرة وتمام الصلاة لا يكون إلا بكمال حدودها فى الظاهر والباطن.
ويتلو ذلك ما جاء عن الصادق صلى الله عليه وسلم من قوله إذا قام المصلى فى الصلاة نزلت عليه الرحمة من عنان السماء إلى الأرض وحفت به الملائكة وناداه ملك لو يعلم هذا المصلى ما له فى الصلاة ما انفتل منها، وتأويله فى الباطن أن المستجيب إلى دعوة الحق إذا هو دخل فيها صار إلى الحكمة التى تصير عن ولى الزمان الذي مثله مثل السماء إلى حجته الذي مثله مثل الأرض ونال المستجيب من ذلك قدر حده واستحقاقه وأما نداء الملك له أنه لو علم ما له فى الصلاة ما انفتل فالملك هو الذي ملك أمره ولا بد له من تعريفه إياه فضل ما صار إليه من دعوة الحق وأنه إن علم فضل ذلك لم ينصرف عنه.
ويتلو ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: أحب الأعمال إلى الله تعالى الصلاة وهى آخر وصايا الأنبياء فما شيء أحسن من أن يغتسل الرجل ويتوضأ فيسبغ الوضوء
صفحة ١٩٥