كتاب التوحيد وقرة عيون الموحدين في تحقيق دعوة الأنبياء والمرسلين
محقق
بشير محمد عيون
الناشر
مكتبة المؤيد،الطائف،المملكة العربية السعودية/ مكتبة دار البيان،دمشق
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١١هـ/١٩٩٠م
مكان النشر
الجمهورية العربية السورية
تصانيف
العقائد والملل
وعن عمر أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: " لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم; إنما أنا عبد، فقولوا: عبد الله ورسوله " أخرجاه١.
..................................................................................................
الكرامات لمن هو خير منه وأفضل كبعض الصحابة والتابعين، وهكذا حال أهل الشرك مع من فتنوا به، وأعظم من هذا عبادة أهل الشام لابن عربي وهو إمام أهل الوحدة الذين هم أكفر أهل الأرض وأكثر من أن يعتقد فيه هؤلاء، لا فضل له ولا دين كأناس بمصر وغيرها، وجرى في نجد قبل هذه الدعوة مثل هذا، وفي الحجاز واليمن وغيرهما من عبادة الطواغيت والأشجار والأحجار والقبور ما عمت به البلوى كعبادتهم للجن وطلبهم الشفاعة منهم، والأصل في ذلك الغلو تزيين الشيطان. وذكر أهل السير أن التلبية من عهد إبراهيم ﵇: "لبيك اللهم لبيك لا شريك لك لبيك " حتى كان عمرو بن لحي الخزاعى فبينما هو يلبي تمثل له الشيطان في صورة شيخ يلبي معه فقال: لبيك لا شريك لك، فقال الشيخ: إلا شريكا هو لك. فأنكر ذلك عمرو وقال: ما هذا؟ فقال الشيخ: تملكه وما ملك. فإنه لا بأس بهذا، فقالها عمرو فدانت بها العرب.
قوله: عن عمر هو ابن الخطاب بن نفيل - بنون وفاء مصغر - العدوي أمير المؤمنين، وأفضل الصحابة بعد الصديق ﵁ ولي الخلافة عشر سنين ونصفا فامتلأت الدنيا عدلا، وفتحت في أيامه ممالك كسرى وقيصر واستشهد في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين من الهجرة.
قوله: "لا تطروني " الإطراء هو الغلو، "كما أطرت النصارى ابن مريم"، كما قال تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ﴾ ٢ قوله: " إنما أنا عبد فقولوا: عبد الله ورسوله " ٣ أمرهم صلي الله عليه وسلم أن لا يتجاوزوا هذا القول، وقد أمر الله عباده بالصلاة والسلام عليه؛ لأن أشرف مقامات الأنبياء العبودية الخاصة والرسالة.
_________
١ البخاري فقط رقم (٣٤٤٥) في أحاديث الأنبباء: باب قول الله تعالى: (واذكر في الكتاب مريم إذ انتبذت) ورقم (٦٨٣٠) في المحاربين: باب رجم الحبلى في الزنا إذا أحصنت، وليس عند مسلم، وقد أخطأ في ذلك أيضا صاحب " المشكاة " الخطيب التبريزي، ورواه أيضا الدارمي رقم (٢٧٨٧) في الرقاق باب قول النبي ﷺ: " لا تطروني "، وأحمد في "المسند" ١/ ٢٣ و٢٤ و٤٧ و٥٥.
٢ سورة النساء آية: ١٧١.
٣ البخاري: أحاديث الأنبياء (٣٤٤٥)، وأحمد (١/٢٣،١/٢٤،١/٤٧) .
1 / 107