فِي الشَّاهِد وَبِه ينْفَصل الْبشر من سَائِر الْحَيَوَان مَعَ مَا كَانَ كل مُحْتَمل الْكَلَام فَعَن عجز لَا يتَكَلَّم أَو عَن سكُوت
ثمَّ لَا يَخْلُو من أَن يكون على تَقْدِير كَلَام غَيره فَيكون فِيهِ تشابه وَدلّ قَوْله ﴿لَيْسَ كمثله شَيْء﴾ على نفى الشّبَه لَهُ فِي الصّفة والذات وأيد ذَا قَوْله ﴿خلقُوا كخلقه﴾ دلّ أَن شبه الْفِعْل يُوجب التشابه مَعَ القَوْل أَن الْخلق لَو اجْتمع لَا يأْتونَ بِمثلِهِ فَانْتفى الشّبَه إِذْ فِيهِ تماثل فَثَبت لَهُ الخلافية لكَلَام الْخلق جَمِيعًا على مَا ثَبت لذاته مَعَ مَا لم يمْتَحن جَمِيع كَلَام الْخلق ليدرك مُنْتَهى مَعَانِيه وَقد ذكر كَلَام النَّمْل والهدهد وتسبيح الْجبَال وَغَيرهَا مِمَّا لَا يفهم شَيْء من ذَلِك بالحروف الْمُعْجَمَة وَلَا على الْمَفْهُوم من كَلَام الْبشر
وَإِذ ثَبت أَن من الْكَلَام مَا لَا يبلغ تَقْدِيره وسع الْخلق وَلَا يبلغهُ فهم فَمن أحب تَقْدِير كَلَام الرب بذلك فَهُوَ مُغفل وَكَذَلِكَ فعله تَعَالَى خَارج عَن وصف فعل الْخلق وَفِي ثُبُوت الخلافية من جَمِيع الْوُجُوه نفى الحدثية لما بِهِ يَقع الْوِفَاق وَبَطل معنى الْأَعْرَاض والتفرق والإجتماع وَالْحَد والغاية وَالزِّيَادَة وَالنُّقْصَان إِذْ ذَلِك وصف كَلَام الْخلق وَالله الْمُوفق
ثمَّ لَا يَخْلُو من أَن يكون غَيره فيزول عَنهُ مَا ذكرنَا من الآفة بِغَيْرِهِ وَذَلِكَ علم الْحَاجة وأمارة الْحَدث أَو لَيْسَ غَيره فَيكون بِنَفسِهِ متكلما قَادِرًا عَالما وَبِاللَّهِ التَّوْفِيق
وَيجوز القَوْل بِمَا يسمع من الْخلق كَلَام الله على الْمُوَافقَة كَمَا يُقَال فِي الرسائل والقصائد والأقاويل دَلِيله أَن ذَلِك خلق من الْخلق وَلَا يحْتَمل أَن
1 / 58