ثمَّ قَالَ فَإِن قيل لم لَا جعلتم الرَّحْمَة صفة فِي الْحَقِيقَة دون أَن يَقُول رَحِيم فَزعم أَن رَحِيم صفة دون الرَّحْمَة إِذْ كل من فعل صفة الشَّيْء فقد وَصفه كمن يشْتم آخر أَو يسوده أَنه شَتمه وسوده فَكَذَلِك خلق الرَّحْمَة وَلَا يجوز أَن يُوصف بهَا إِذْ خلقهَا حَتَّى يَقُول إِنِّي رَحِيم فبذلك علمنَا أَن الصّفة قَوْله إِنَّه رَحِيم
قَالَ أَبُو مَنْصُور ﵀ مَا أعرف هَذَا التائه بِالصِّفَاتِ حَتَّى يشرع فِي تَفْسِير صِفَات الله جلّ الله عَن مثل هَذَا المتحير الخيال وَتَعَالَى وَلَو كَانَت الصّفة فِي الْحَقِيقَة وصف الواصف ليبطل قَول الْخلق بِأَن الْخلق أَعْيَان وصفات وَيبْطل قَوْله فِي الإجتماع والتفرق وَالْحَرَكَة والسكون الَّتِي لَا تَخْلُو الْأَعْيَان عَنْهَا فِي إِثْبَات حديها إِذْ هِيَ تَخْلُو عَن وصف واصف لَهَا فَثَبت أَنَّهَا صِفَات تلْزم الْأَعْيَان لَا مَا ذكر وَلَا قُوَّة إِلَّا بِاللَّه
ثمَّ نتم هذاالنوع من حماقته لتحمدوا الله معاشر إخْوَانِي على مَا أكْرمكُم الله بمعرفته ولتعلموا عَظِيم مقت الله على من زعم أَنه قد استوعب جَمِيع مَا عِنْد الله من الْمصَالح لَهُ فِي الدّين حَتَّى لَو أَرَادَ الله أَن يزِيد لَهُ شَيْئا لَا يملكهُ مِمَّا بِهِ صَلَاحه لَا يقدر عَلَيْهِ بل بِهِ يفْسد لتتبينوا أَنه جعل خذلانه صلاحا فِي الدّين وإضلاله نعْمَة من نعم الرب جلّ ثَنَاؤُهُ
قَالَ لم نقل إِن الله إِذا خلق الْحمرَة فِي الثَّوْب أَنه جعل لَهُ صفة وَلَو كَانَت الْحمرَة صفة لَهُ جَازَ أَن يُقَال إِذْ خلقهَا الله وصف الثَّوْب بهَا وَمثله فِي الْحَرَكَة السّكُون وَكَذَا من يكْتب إِلَى آخر يصف طوله يجوز أَن يُقَال وَصفه لنا فِي كِتَابه زعم أَن هَذَا وَاضح
1 / 56