توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم
الناشر
مركز عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
تصانيف
قوله: «يُقَالُ لَهُ عُفَيْرٌ» قال النووي ﵀: «بعين مهملة مضمومة، ثم فاء مفتوحة، هذا هو الصواب في الرواية، وفي الأصول المعتمدة وفي كتب أهل المعرفة بذلك، قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح ﵀: وقول القاضي عياض ﵀ إنه بغين معجمة متروك. قال الشيخ: وهو الحمار الذي كان له ﷺ، قيل: إنه مات في حجة الوداع» (^١).
وقد صُرح في هذا الحديث أنهما كانا راكبَينِ على حمار، وورد في الحديث السابق ما يُفهَم منه أنهما كانا راكبَينِ على راحلة، فلعلهما واقعتان منفصلتان؛ لأن المؤخرة تكون على الإبل، لا على الحمار، وقيل: إن المراد بالحديث الأول: ليس بين معاذ ﵁ وبين الرسول ﷺ إلا مقدار مؤخرة الرحل، قال النووي: «قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح ﵀: ... هذا الحديث يقتضي أن يكون هذا في مرة أخرى غير المرة المتقدمة في الحديث السابق؛ فإن مؤخرة الرحل تختص بالإبل، ولا تكون على حمار. قلت [أي: النووي]: ويحتمل أن يكونا قضيةً واحدة، وأراد بالحديث الأول قدر مؤخرة الرحل، وَاللَّهُ أَعْلَمُ» (^٢).
وفي هذا الحديث: بيان أن معاذًا ﵁ أخبر بهذا الحديث عند موته، خروجًا من إثم كتمان العلم؛ لأنه فهم من قول النبي ﷺ: «لَا تُبَشِّرْهُمْ فَيَتَّكِلُو» أنه ليس المرادُ المنعَ مطلقًا، بل المراد: في وقت دون وقت؛ فلهذا كتمها مدةَ حياته ﵁، ثم أخبر بها عند موته؛ خروجًا من الإثم.
وقال بعض أهل العلم: إنه لم يكتمها عن الأخيار الذين يستكثرون من الأعمال الصالحة، وإنما كتمها عمن يخشى منه أن يغتر ويتكل؛ وهذا لما عُلم من النصوص الأخرى التي فيها وجوب تبليغ العلم، والنهي عن كتمانه.
(^١) شرح مسلم، للنووي (١/ ٢٣٢). (^٢) شرح مسلم، للنووي (١/ ٢٣٢).
1 / 100