توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم

عبد العزيز بن عبد الله الراجحي ت. غير معلوم
83

توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم

الناشر

مركز عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

تصانيف

وأما هداية الدلالة والإرشاد والوعظ فيملكها الرسول ﷺ، والدعاة كذلك، قال تعالى: ﴿وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم﴾. وفيها: دليل على أنه لا يجوز الاستغفار للمشركين لمن مات منهم على الشرك؛ ولهذا قال النبي ﷺ: «لَأَسْتَغْفِرَنَّ لَكَ مَا لَمْ أُنْهَ عَنْكَ»، فنهي ﷺ بقوله تعالى: ﴿مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِي قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ﴾. وفيها: دليل على أن أول واجب على العبد هو كلمة التوحيد، خلافًا لأهل البدع القائلين: إن أولَ واجب الشكُّ، أو النظرُ، أو القصدُ إلى النظر (^١)، فكل هذه الأقوال باطلة ما أنزل الله بها من سلطان؛ بل أول واجب على الإنسان التوحيد، والدليل على ذلك: أنه لما بعث الرسول ﷺ معاذًا إلى اليمن قال له: «إِنَّكَ تَقْدَمُ عَلَى قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، فَلْيَكُنْ أَوَّلَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ عِبَادَةُ اللَّهِ ﷿) (^٢)، وقال ﷺ: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ» فلم: يقل حتى يشُكُّوا، أو ينظروا، أو يتأملوا. وقوله: «فَلَمْ يَزَالَا بِهِ»، يعني: أبا جهل، وعبد الله بن أبي أمية. وفيها: دليل على أن معرفة الإنسان للحق لا ينفعه إذا لم يعمل به، فأبو طالب عرف الحق ولم ينفعه، وهو القائل في قصيدته المعروفة: وَلَقَدْ عَلِمْتُ بِأَنَّ دِينَ مُحَمَّدٍ ... مِنْ خَيْرِ أَدْيَانِ البَرِيَّةِ دِينَا لَوْلَا المَلَامَةُ أَوْ حَذَارِي سُبَّةً ... لَوَجَدْتَنِي سَمْحًا بِذَاكَ مُبِينًا وكذلك فرعون عرف أن موسى ﵇ صادق، لكن لم يتبعه، فلم تنفعه معرفته، فكفره كفر إباء واستكبار، وكذلك شأن إبليس واليهود.

(^١) الإرشاد، للجويني (ص ٣). (^٢) أخرجه البخاري (١٤٥٨)، ومسلم (١٩).

1 / 89