توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم
الناشر
مركز عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
تصانيف
حَدَّثَنِي يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ وَقُتَيْبَةُ بْنُ سَعِيدٍ، جَمِيعًا عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ أَبِي سُهَيْلٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ بِهَذَا الْحَدِيثِ نَحْوَ حَدِيثِ مَالِكٍ، غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ، أَوْ دَخَلَ الْجَنَّةَ وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ».
قوله: «أَفْلَحَ وَأَبِيهِ»: فيه إشكال؛ لأن النبي ﷺ نهى عن الحلف بغير الله، فكيف يحلف بغيره؟ !
واختلف العلماء في هذه اللفظة، فمن العلماء من قال: هذه اللفظة جرت مما يجري على اللسان بغير قصد، وليس المقصود بها الحلف، كقوله ﷺ في الحديث: «عَقْرَى حَلْقَى» (^١) فهذا دعاء، لكن ليس المراد به الشر، ومثله- أيضا- قوله: «تَرِبَتْ يَدَاكَ» (^٢)، وقوله: «ثَكِلَتْكَ أُمُّكَ يَا مُعَاذُ» (^٣)، ومعناه: فقدتك أمك، وهو دعاء عليه أن تفقده أمه، لكن ليس المراد المعنى الحقيقي للعبارة، بل ذلك مما يجري على اللسان بغير قصد.
وقد يكون المقصود به: الحث على الشيء والترغيب فيه، وليس المقصود منه الحلف.
وقال آخرون: إنها تَصَحَّفت على الراوي، فالرواية: «أَفْلَحَ واللهِ إِنْ صَدَقَ»، والراوي قال: «أَفْلَحَ، وَأَبِيهِ إِنْ صَدَقَ».
وقال آخرون- وهذا هو الصواب-: إن هذا كان قبل النهي عن الحلف بغير الله، وهذا في أول الإسلام، حيث كان الناس يحلفون بآبائهم، ثم جاء النهي في عدة أحاديث، كما في حديث عمر ﵁ لما جاءه النبي ﷺ وهو
_________
(^١) أخرجه البخاري (١٥٦١)، ومسلم (١٢١١).
(^٢) أخرجه البخاري (٥٠٩٠)، ومسلم (١٤٦٦).
(^٣) أخرجه أحمد (٢٢٠١٦)، والترمذي (٢٦١٦)، وابن ماجه (٣٩٧٣).
1 / 64