توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم
الناشر
مركز عبد العزيز بن عبد الله الراجحي
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م
تصانيف
وفي شرح السنة للبغوي (بعد ثالثة) (^١)، وظاهر هذا: أنه بعد ثلاث ليالٍ، وفي ظاهر هذا مخالفة لقوله في حديث أبي هريرة بعد هذا: (ثُمَّ أَدْبَرَ الرَّجُلُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ رُدُّوا عَلَيَّ الرَّجُلَ فَأَخَذُوا لِيَرُدُّوهُ فَلَمْ يَرَوْا شَيْئًا فَقَالَ النَّبِيُّ ﷺ هَذَا جِبْرِيلُ)، فيحتمل الجمع بينهما أن عمر ﵁ لم يحضر قول النبي ﷺ لهم في الحال، بل كان قد قام من المجلس، فأخبر النبي ﷺ الحاضرين في الحال، وأخبر عمر ﵁ بعد ثلاث؛ إذ لم يكن حاضرًا وقت إخبار الباقين، والله أعلم» (^٢).
ثُمّ لعل النبي ﷺ لقي عمر ﵁ فيما بعد وسأله: «يَا عُمَرُ أتَدْرِيْ من السَّائِل؟»، أي: أتعلم من هو؟ فقال عمر: «اللهُ وَرَسُوْله أَعْلَمُ»، وهذا يدل على أن عمر ﵁ لم يكن عنده علم بهذا السائل، فقال النبي ﷺ: «فَإِنَّهُ جِبْرِيْلُ»، وفي الرواية الأخرى: «هَذَا جِبْرِيل جَاءَ لِيُعَلِّمَ النَّاسَ دِينَهُمْ»، والإشارة إلى شيء معلوم في الذهن.
قوله: «أتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكَمُ» جاء التعليم بصيغة السؤال والجواب؛ لأنه أمكن في النفس وأقوى في التأثير.
والدين هو الإسلام والبر والتقوى والهدى والإيمان، إذا أُطلق واحد منها شمل أمور الدين: الاعتقادية والعملية، وإذا قرن مع غيره كان له معنى آخر.
وقد سمى النبي ﷺ الإسلامَ والإيمانَ والإحسانَ دينًا «أتَاكُمْ يُعَلِّمُكُمْ دِيْنَكَمُ»؛ لأن الدين على هذه المراتب الثلاث: الإسلامُ والإيمانُ والإحسانُ.
_________
(^١) أخرجه البغوي في شرح السنة (٢).
(^٢) شرح مسلم، للنووي (١/ ١٦٠).
1 / 58