توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم

عبد العزيز بن عبد الله الراجحي ت. غير معلوم
102

توفيق الرب المنعم بشرح صحيح الإمام مسلم

الناشر

مركز عبد العزيز بن عبد الله الراجحي

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣٩ هـ - ٢٠١٨ م

تصانيف

وأما تعريف الحياء فهو: «الخلق الذي يبعث ويحمل على ترك القبيح من الصفات والأفعال والأقوال، ويمنع من التقصير في حق الله المتفضل المنعم سبحانه، والتقصير في حق ذي الحق» (^١). أما الخلق الذي يمنع الإنسان عن السؤال عما أشكل عليه، أو عن تعلم دينه، والتفقه فيه، أو يمنعه عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعن الدعوة إلى الله سبحانه- فهذا ليس بحياء، وإنما هو في الحقيقة جبنٌ وخَوَر وضعف؛ فأم سُليم ﵂ لم يمنعها الحياء من التفقه في الدين، فقد جاءت إلى النبي ﷺ، فقالت: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّ اللهَ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الحَقِّ، فَهَلْ عَلَى الْمَرْأَةِ مِنْ غُسْلٍ إِذَا احْتَلَمَتْ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «نَعَمْ، إِذَا رَأَتِ المَاءَ» (^٢)؛ ولذلك قالت عائشة ﵂: «نِعْمَ النِّسَاءُ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ لَمْ يَكُنْ يَمْنَعُهُنَّ الْحَيَاءُ أَنْ يَتَفَقَّهْنَ فِي الدِّينِ» (^٣). [٣٦] حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، وَزُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، وَعَمْرٌو النَّاقِدُ قَالُوا: حَدَّثَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ سَمِعَ النَّبِيُّ ﷺ رَجُلًا يَعِظُ أَخَاهُ فِي الْحَيَاءِ، فَقَالَ: «الْحَيَاءُ مِنَ الإِيمَانِ». حَدَّثَنَا عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ، بِهَذَا الإِسْنَادِ، وَقَالَ: مَرَّ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يَعِظُ أَخَاهُ. قوله: «مَرَّ بِرَجُلٍ مِنَ الأَنْصَارِ يَعِظُ أَخَاهُ»، يعني: يعظه في ترك الحياء، كأنه يقول له: إن الحياء قد أثر عليك، فنهاه النبي صلى الله وسلم، يعني: لا تنهَه عن الحياء؛ فإن الحياء خيرٌ كله، فدعه، فإن الاتصاف بخلق الحياء من الإيمان.

(^١) فتح الباري، لابن حجر (١٠/ ٥٢٢)، شرح مسلم، للنووي (٢/ ٦)، مشارق الأنوار، للقاضي عياض (١/ ٢١٨)، النهاية، لابن الأثير (١/ ٤٧٠). (^٢) أخرجه البخاري (٢٨٢)، ومسلم (٣١٣). (^٣) أخرجه مسلم (٣٣٢).

1 / 108