ومنها أنه قد يذكر الحيثية أحدهما أن الشيء مع تلك الحيثية موضوع كما يقال الموجود من حيث إنه موجود موضوع للعلم الإلهي فيبحث فيه عن الأعراض الذاتية التي تلحقه من حيث إنه موجود كالوحدة والكثرة ونحوهما ولا يبحث فيه عن تلك الحيثية لأن الموضوع ما يبحث عن أعراضه لا ما يبحث عنه أو عن أجزائه وثانيهما أن الحيثية تكون بيانا للأعراض الذاتية المبحوث عنها فإنه يمكن أن يكون للشيء أعراض ذاتية متنوعة وإنما يبحث في علم عن نوع منها فالحيثية بيان ذلك النوع فقولهم موضوع الطب بدن الإنسان من حيث إنه يصح ويمرض وموضوع الهيئة أجسام العالم من حيث إن لها شكلا يراد به المعنى الثاني لا الأول إذ في الطب يبحث عن الصحة والمرض وفي الهيئة عن الشكل فلو كان المراد هو الأول يجب أن يبحث في الطب والهيئة عن أعراض لاحقة لأجل الحيثيتين ولا يبحث عن الحيثيتين والواقع خلاف ذلك ومنها أن المشهور أن الشيء الواحد لا يكون موضوعا للعلمين أقول هذا غير ممتنع بل واقع فإن الشيء الواحد يكون له أعراض متنوعة ففي كل علم يبحث عن بعض منها كما ذكرناه
صفحة ٤٤