عليها، وطاف المؤلفون في القطرين حولها، هي التي توزعت دراستها على مراحل التعليم باعتبار شروحها سهولة وصعوبة واختصارا واتساعا، وكذا الكافية الشافية.
ففي هذا العصر فاضت دراسة النحو في أغلب القطرين وبخاصة القاهرة ودمشق وحلب، وقد كانت الدراسة أول أمرها أشبه بعلاج المريض الذي لم يبق فيه إلا الذماء، ولكن الترغيب والتقدير قد أكسبها استعادة ما فقد من الازدهار، فظهر جهابذة حفظوا وجود هذا العلم بعد نكبتي المشرق والمغرب. ونشطت حركة التأليف لتزايد الإقبال عليها.
ومن مظاهر هذا النشاط أن توخى أغلب المؤلفين في مؤلفاتهم التدرج والتنويع فيها، لاختلاف قدر الطالبين من مبتدئ وشاد ومنته، فجمعوا فيها بين وجيز ووسيط وبسيط، حبا في تعميم النفع كما صنع ابن مالك وابن أم قاسم وابن هشام والسيوطي.
فالتأليف على عمومه في خلال هذا العهد قد طرأ عليه اتجاه جديد.
ففي هذا العهد طفق المؤلفون ينشئون المتون مع استيعابها لما في المطولات، ويعملون على إيجازها ما وسعت قدرتهم، ومن هنا مست الحاجة إلى الشروح وربما جللت بالحواشي، وأقرب الأمثلة لهذا شروح ألفية ابن مالك وكافية ابن الحاجب.. وبعض الحواشي.
وهذه المؤلفات التي كانت غزيرة المادة العلمية من الجهة النحوية لم يعبها إلا ما شابها من الشروح والحواشي من كثرة بيان اللهجات العربية لكثير من الكلمات مما يمت إلى فقد اللغة بسبب وثيق، ومن التعليل والتوجيه لتضارب الآراء النحوية مما لا يعود بطائل على النحو، ومن محاولتهم أخذ القاعدة النحوية من مادة الكتاب المعلق عليه وكثيرا ما يكون في العبارة قصور في الدلالة.
لكن هذه الهنات لم تذهب بمحاسن هذه المصنفات، وجلها لا يزال إلى يومنا عتاد طلاب النحو ومطمح أنظارهم، ويظهر أن الحامل لهم على الإكثار من المتون حبهم في سرعة تلافي ما ضاع من كتب النحو.
والمتون كفيلة بجمع ما كثر من القواعد في موجز الكلام، فلكي يسهلوا على الراغبين جمع شتات هذا الفن في قبضة اليد صنفوها كعلاج بدا لهم.
1 / 31