مؤلفات عربية:
بنفس الروح التي أثارت الجد في نفوس علماء الدين، ثار الجد في نفوس علماء العربية بجميع فنونها، ونبغ فيها علماء أجلاء منهم من يعتبر إماما في فنه وقدوة في مادته، والعربية كانت ولا تزال وستبقى، أهم الأدوات لفهم الدين وتوضيح مسائله، بينهما من الوشائج ما لا تستطيع الأيام فصله، ومن ثم لم تكن لعلماء اللغة تلك المنازل المرموقة التي سما إليها علماء الدين، لذلك لم يكن غريبا أن يحرص العلماء على أن ينبغوا أولا في علوم الشريعة، ثم يفيئوا إلى اللغة وفنونها فيتعهدوها بالعناية.
على أن هناك بعضا من العلماء غلب عليه الاشتغال باللغة وفنونها، لرغبة فيها وولوع فأجاد وأفاد، وسجل لنفسه بما ألفه ودونه من مسائلها سجلا خالدا.
كتب النحو والصرف:
ولعل النحو والصرف في مقدمة فنون العربية التي حظيت من العناية بنصيب أوفر، فقد وضعت فيهما أسفار قيمة، وعرف بهما رجال أفذاذ.
ونحن لا ننكر أن نحويي هذا العصر، لم يأتوا بجديد ممتع ولا بمبتكر رائع، وقصارى جهودهم بذلت في توضيح مسائل النحو وتوجيه قواعده، والاستدلال لها مع عرض الآراء المتناقضة أحيانا، والموازنة بينها وترجيح أحدها أحيانا أخرى.
ونحا بعضهم إلى وضع المتون ثم إلى شرحها ثم إلى شرح هذا الشرح أو اختصاره، وذلك على نمط مما كان يفعل علماء الدين بكتب الفقه، وزادت التحشية على المؤلفات، والاستدراك عليها ونحوه، حتى نتج من ذلك كله نتاج وفير في هاتين المادتين: النحو والصرف.
غير أننا لا نرى مناصا من التنويه بأن بعضهم كانت له في بحوثه شخصية وقوة تشعرنا بأنه كان حسن الذوق لمادته عميق الفهم، كامل الإلمام، دقيق الملاحظة والموازنة، جديد التوجيه والتعليل.
1 / 23