توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم

أحمد بن إبراهيم بن حمد بن محمد بن حمد بن عبد الله بن عيسى (المتوفى: 1327هـ) ت. 1327 هجري
60

توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم

محقق

زهير الشاويش

الناشر

المكتب الإسلامي

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٠٦

مكان النشر

بيروت

عَن الممكنات والمقدورات فان مثل هَذَا إِذا لم يكن وجوده مُمكنا حَتَّى تقولا إِنَّه غير مَقْدُور وَلَو أَرَادَهُ لخلق الْمثل فَكيف يعقل وجوده فضلا عَن أَن يتَصَوَّر خَوفه حَتَّى ينفى خَوفه ثمَّ أَي فَائِدَة فِي نفي خوف هَذَا وَقد علم من سِيَاق الْكَلَام أَن الْمَقْصُود بَيَان أَن هَذَا الْعَامِل المحسن يجزى على حَسَنَاته بِلَا ظلم وَلَا هضم فَعلم ان الظُّلم الْمَنْفِيّ يتَعَلَّق بالجزاء كَمَا ذكره أهل التَّفْسِير وَأَن الله لَا يجْزِيه الا بِعَمَلِهِ الْمَسْأَلَة الثَّانِيَة ان النَّاس لَهُم فِي افعال الله بِاعْتِبَار مَا يصلح مِنْهُ وَمَا يجوز مِنْهُ وَمَا لَا يجوز مِنْهُ ثَلَاثَة اقوال طرفان ووسط فالطرف الْوَاحِد طرف الْقَدَرِيَّة وهم الَّذين حجروا عَلَيْهِ أَن لَا يفعل إِلَّا مَا ظنُّوا بعقولهم أَنه الْجَائِز لَهُ حَتَّى وضعُوا لَهُ شَرِيعَة التَّعْدِيل والتجويز فأوجبوا عَلَيْهِ بعقولهم امورا كَثِيرَة وحرموا عَلَيْهِ بعقولهم أمورا كَثِيرَة لَا بِمَعْنى أَن الْعقل آمُر لَهُ وناه فَإِن هَذَا لَا يَقُوله عَاقل بل بِمَعْنى ان تِلْكَ الافعال علم بِالْعقلِ وُجُوبهَا وتحريمها وَلَكِن أدخلُوا فِي ذَلِك من الْمُنْكَرَات مَا بنوه على تكذيبهم بِالْقدرِ وتوابع ذَلِك والطرف الثَّانِي طرف الغلاة فِي الرَّد عَلَيْهِم وهم الَّذين قَالُوا لَا ينزه الله عَن فعل من الافعال وَلَا يعلم وَجه امْتنَاع جعل مِنْهُ الا من جِهَة خَبره أَنه لَا يَفْعَله المطابق لعلمه أَنه لَا يَفْعَله وَهَؤُلَاء منعُوا حَقِيقَة مَا أخبر من أَنه كتب على نَفسه الرَّحْمَة وَحرم على نَفسه الظُّلم قَالَ تَعَالَى ﴿وَإِذا جَاءَك الَّذين يُؤمنُونَ بِآيَاتِنَا فَقل سَلام عَلَيْكُم كتب ربكُم على نَفسه الرَّحْمَة﴾ الانعام ٥٤ وَفِي (الصَّحِيحَيْنِ (عَن أبي هُرَيْرَة عَن النَّبِي ﷺ قَالَ (إِن الله لما قضى الْخلق كتب على نَفسه كتابا فَهُوَ مَوْضُوع عِنْده فَوق الْعَرْش إِن رَحْمَتي تغلب عضبي (أَو لم يعلم هَؤُلَاءِ أَن الْخَبَر الْمُجَرّد المطابق للْعلم لَا يبين وَجه فعله وَتَركه إِذْ الْفِعْل يُطَابق الْمَعْلُوم فَعلمه بِأَنَّهُ يفعل هَذَا وانه لَا يفعل هَذَا لَيْسَ فِيهِ تعَارض لِأَنَّهُ

1 / 61