146

توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم

محقق

زهير الشاويش

الناشر

المكتب الإسلامي

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٠٦

مكان النشر

بيروت

تصانيف

Creeds and Sects
الامة وسادات الائمة يرَوْنَ كفر الْجَهْمِية أعظم من كفر الْيَهُود كَمَا قَالَ عبد الله بن الْمُبَارك وَالْبُخَارِيّ وَغَيرهمَا وانما كَانُوا يلوحون تَلْوِيحًا وَقل أَن كَانُوا يصرحون بِأَن ذَاته فِي كل مَكَان وَأما هَؤُلَاءِ الاتحادية فانهم أَخبث وأكفر من أُولَئِكَ الْجَهْمِية وَلَكِن السّلف والائمة أعلم بالاسلام وبحقائقه فان كثيرا من النَّاس قد لَا يفهم تغليظهم فِي ذمّ الْمقَالة حَتَّى يتدبرها ويرزق نور الْهدى فَلَمَّا طلع السّلف على سر القَوْل نفروا مِنْهُ وَهَذَا كَمَا قَالَ بعض النَّاس متكلمة الْجَهْمِية لَا يعْبدُونَ شَيْئا ومتعبدة الْجَهْمِية يعْبدُونَ كل شَيْء وَذَلِكَ لِأَن متكلمهم لَيْسَ فِي قلبه تأله وَلَا تعبد فَهُوَ يصف ربه بِصِفَات الْعَدَم وَالْمَوْت وَأما المتعبد فَفِي قلبه تأله وَتعبد وَالْقلب لَا يقْصد الا مَوْجُودا لَا مَعْدُوما فَيحْتَاج أَن يعبد الْمَخْلُوقَات إِمَّا الْوُجُود الْمُطلق وَإِمَّا بعض الْمظَاهر كَالشَّمْسِ وَالْقَمَر والبشر والاوثان وَغير ذَلِك فان قَول الاتحادية يجمع كل شرك فِي الْعَالم ويعم وَلَا يوحدون الله ﷾ وانما يوحدون الْقدر الْمُشْتَرك بَينه وَبَين الْمَخْلُوقَات فهم برَبهمْ يعدلُونَ وَلِهَذَا حدث الثِّقَة أَن ابْن سبعين كَانَ يُرِيد الذّهاب الى الْهِنْد وَقَالَ إِن ارْض الاسلام لَا تسعه لَان الْهِنْد مشركون يعْبدُونَ كل شَيْء حَتَّى النَّبَات وَالْحَيَوَان وَهَذَا حَقِيقَة قَول الاتحادية وَأعرف نَاسا لَهُم اشْتِغَال فِي الفلسفة وَالْكَلَام وَقد تألهوا على طَرِيق هَؤُلَاءِ الاتحادية فَإِذا أخذُوا يصفونَ الرب سُبْحَانَهُ بالْكلَام قَالُوا لَيْسَ بِكَذَا لَيْسَ بِكَذَا ووصفوه بِأَنَّهُ لَيْسَ هُوَ الْمَخْلُوقَات كَمَا يَقُوله الْمُسلمُونَ لَكِن يجحدون صِفَات الاثبات الَّتِي جَاءَت بهَا الرُّسُل ﵈ واذا صَار لاحدهم ذوق وَوجد لَهُ تأله وسلك طَرِيق الاتحادية وَقَالَ إِنَّه هُوَ الموجودات

1 / 147