103

توضيح المقاصد وتصحيح القواعد في شرح قصيدة الإمام ابن القيم

محقق

زهير الشاويش

الناشر

المكتب الإسلامي

رقم الإصدار

الثالثة

سنة النشر

١٤٠٦

مكان النشر

بيروت

تصانيف

Creeds and Sects
أهل النَّار (وَهَذَا الْخطاب يتَنَاوَل الْمَيِّت على فرَاشه والشهيد كَمَا أَن قَوْله (نسمَة الْمُؤمن طَائِر يعلق فِي شجر الْجنَّة (يتَنَاوَل الشَّهِيد وَغَيره وَمَعَ كَونه يعرض عَلَيْهِ مَقْعَده بِالْغَدَاةِ والعشي ترد روحه أَنهَار الْجنَّة وتأكل من ثمارها وَأما المقعد الْخَاص بِهِ وَالْبَيْت الَّذِي أعد لَهُ فانه إِنَّمَا يدْخلهُ يَوْم الْقِيَامَة وَيدل عَلَيْهِ أَن منَازِل الشُّهَدَاء ودورهم وقصورهم الَّتِي أعد الله لَهُم لَيست هِيَ تِلْكَ الْقَنَادِيل الَّتِي تأوي اليها أَرْوَاحهم فِي البرزخ قطعا فهم يرَوْنَ مَنَازِلهمْ ومقاعدهم من الْجنَّة وَيكون مستقرهم فِي تِلْكَ الْقَنَادِيل الْمُعَلقَة بالعرش فان الدُّخُول التَّام الْكَامِل إِنَّمَا يكون يَوْم الْقِيَامَة وَدخُول الارواح فِي الْجنَّة فِي البرزخ أَمر دون ذَلِك وَنَظِير هَذَا أهل الشَّقَاء تعرض أَرْوَاحهم على النَّار غدوا وعشيا فاذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة دخلُوا مَنَازِلهمْ ومقاعدهم الَّتِي كَانُوا يعرضون عَلَيْهَا فِي البرزخ فتنعم الارواح بِالْجنَّةِ فِي البرزخ شَيْء وتنعمها مَعَ الابدان بهَا يَوْم الْقِيَامَة شَيْء آخر فغذاء الرّوح من الْجنَّة فِي البرزخ دو غذائها مَعَ بدنهَا يَوْم الْبَعْث وَلِهَذَا قَالَ تعلق فِي شجر الْجنَّة أَي تَأْكُله الْعلقَة واما تَمام الْأكل وَالشرب واللبس والتمتع فانما يكون إِذا ردَّتْ الى أجسادها يَوْم الْقِيَامَة فَظهر أَنه لَا يُعَارض هَذَا القَوْل من السّنة شَيْء وانما تعاضده السّنة وتوافقه وَأما قَول من قَالَ ان حَدِيث كَعْب فِي الشُّهَدَاء دون غَيرهم فتخصيص لَيْسَ فِي اللَّفْظ مَا يدل عَلَيْهِ وَهُوَ حمل اللَّفْظ الْعَام على اقل مسمياته فَإِن الشُّهَدَاء بِالنِّسْبَةِ الى عُمُوم الْمُؤمنِينَ قَلِيل جدا وَالنَّبِيّ ﷺ علق هَذَا الْجَزَاء بِوَصْف الايمان فَهُوَ الْمُقْتَضِي لَهُ وَلم يعلقه بِوَصْف الشَّهَادَة أَلا ترى أَن الحكم الَّذِي اخْتصَّ بِالشُّهَدَاءِ علق بِوَصْف الشَّهَادَة كَقَوْلِه فِي حَدِيث الْمِقْدَام

1 / 104