التوضيح عن توحيد الخلاق في جواب أهل العراق وتذكرة أولي الألباب في طريقة الشيخ محمد بن عبد الوهاب
الناشر
دار طيبة، الرياض، المملكة العربية السعودية
رقم الإصدار
الأولى، 1404هـ/ 1984م
صلاتنا واستقبلوا قبلتنا أكلوا ذبيحتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلا بحقها" وروى البخاري ومسلم من حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك فقد عصموا منى دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام وحسابهم على الله" فقد أمر الله سبحانه نبيه صلى الله عليه وسلم بمجاهدة الخلق وقتالهم حتى يقولوا هذه الكلمة الطيبة ويتركوا المنافي لها من الإشراك بالله فلا تتأله قلوبهم غيره تعالى وحتى يؤدوا حقها ومنه أن يصلوا الصلاة المفروضة على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى أمته المضافة إلى الموصوفين منهم بأتباعه، وهي لا تضاف إليهم إلا أن تكون طيبة أي صالحة بصلاح شروطها وأركانها وواجباتها إذ الطيب لا يقبل إلا طيبا، وأن يؤدوا الحق الواجب في أموالهم، وأن يستقبلوا قبلتهم، وأن يأكلوا ذبيحتهم، وهذه الإضافة في الصلاة والقبلة والذبيحة للتشريف شرف الله نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم وشرف ملته الحنيفية ودينه الإسلام، فجعل منه تلك الصلاة التي فيها كمال العبودية والتواضع لله تبارك وتعالى، وجعل منه هذه القبلة المشرفة فهي قبلتهم في الصلاة وغيرها أحياء وأمواتا، وأحل ذبيحتهم وجعل أكلها علامة الإيمان، وذلك لشرفهم وشرف ملتهم ودينهم وهديهم، والمستوجبون لذلك معصومة دماؤهم وأموالهم لإتباعهم النبي صلى الله عليه وسلم في دينه وملته، فليس أهل القبلة إلا من عمل بمعنى الشهادتين اللذين هما رأس دين الإسلام وملته وقوامه، وصفته شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله قولا وعملا واعتقادا، فإن الشهادة لله بأنه لا إله إلا هو تتضمن إخلاص الالوهية له سبحانه وتعالى فلا يتأله القلب ولا اللسان غيره تعالى لا بحب ولا خشية ولا إنابة ولا توكل ول ارجاء ولا إجلال ولا رغبة ولا رهبة بل لابد أن يكون الدين كله لله كما قال عز من قائل: {وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله} فإذا جعل بعض الدين قولا وعملا واعتقادا لله، وبعضه كذلك لغيره لم يكن الدين كله لله بل قد تأله معه غيره، فأهل القبلة يحبون لله، والمشركون يحبون مع الله، كما قال تعالى: {ومن الناس من يتخذ من دون الله أندادا يحبونهم كحب الله والذين آمنوا أشد حبا لله} وأهل القبلة يخلصون الدعوة لله، والمشركون يجعلونها لغير الله، كما قال تعالى: {له دعوة الحق والذين يدعون من دونه لا يستجيبون لهم بشيء إلا كباسط كفيه إلى الماء ليبلغ فاه وما هو ببالغه وما دعاء الكافرين إلا في ضلال} .
والشهادة بأن محمدا رسول الله تتضمن تصديقه صلى الله عليه وسلم في جميع ما أخبر به
صفحة ٨٨