توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار
محقق
أبو عبد الرحمن صلاح بن محمد بن عويضة
الناشر
دار الكتب العلمية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤١٧ هجري
مكان النشر
بيروت
تصانيف
الفقه الشافعي
الشيخين أن يرويا حديث الصحابي المشهور بالرواية عن رسول الله ﷺ وله راويان ثقتان إلى آخر ما قدمناه رجحه ابن الأثير وذهب إليه ابن العربي المالكي وهذا قول رابع في شرط الشيخين وحينئذ فإذا يقال الحاكم: على شرطهما فالمراد ما ذكره هو وقد نقله عنه الحافظ ابن حجر في شرح النخبة ولكنه رده كما قدمناه.
وإذا عرفت هذه الأربعة في شرطهما وعرفت أنها مدخولة كلها بما ذكر فاعلم أنه يرد على ما ذكروه من جعلهم لشرط الشيخين متحدا كما هو الذي دل له كلام محمد بن طاهر وكلام ابن الصلاح ومن تبعه من الثلاثة المحققين إشكال من جهتين.
الأولى: أنهم قسموا الصحيح أقساما أحدهما ما كان على شرطهما ثم ما كان على شرط البخاري ثم ما كان شرط مسلم وقد قرروا أن شرطهما شيء واحد متحد فكيف يتصور انفراد شرط أحدهما عن الأخر وحينئذ فيسقط قسمان من السبعة الأقسام من أقسام الصحيح وتبقى خمسة.
والثانية: أنهم جعلوا ما هو على شرطهما قسما ولم يتعين لهما شرط فهو إحالة على مجهول.
نعم يتم انفصال شرط أحدهما على شرط الآخر على كلام الحازمي وهو الذي أفاده كلام الحافظ ابن حجر فيما نقلناه سابقا في مرجحات البخاري على مسلم وأن شرط البخاري اللقاء ولو مرة وشرط مسلم مجرد المعاصرة ولو يسيرة إلا أن الخلاف بين الشيخين في اللقاء وعدمه إنما هو في روايته العنعنة لا مطلقا.
قلت: ولا يخفي أن هذا خلاف ما صرح به مسلم في مقدمة صحيحه بعدم شرطية اللقاء بل هجن على من اشترطه غاية التهجين كما سيأتي لفظه.
وقال الحافظ ابن حجر في النخبة وشرحها إن الصفات التي تدور عليها شروط الصحة من العدالة وتمام الضبط في كتاب البخاري وأتم منها في كتاب مسلم وأشد وشرطه أي البخاري أقوى وأسد إلى آخر كلامه الصريح في اختلاف شرط الشيخين.
وأنا شديد التعجب حيث لم أجد من نبه على هذا مع وضوحه والتحقيق عندي أن العمدة في الصحة وجود شرط البخاري لأنه أخص من شرط مسلم كما قررناه ووجود الأخص لازم لوجود الأعم فإذا وجد الأخص فهو الأقوى وحينئذ فشرطهما
1 / 105