توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام

عثمان بن المكي التوزري الزبيدي ت. 1350 هجري
125

توضيح الأحكام شرح تحفة الحكام

تصانيف

أي هذا الباب في بيان أركان الضمان وما يتعلق به من غرم وعدمه وسقوطه بفساد أصله ويعبر عنها باللواحق (والضمان) من ضمن بكسر الميم مصدر ومعناه لغة الالتزام والكفالة كما في المصباح ومختار الصحاح. واصطلاحا عرفه الإمام ابن عرفة بقوله التزام دين لا يسقطه أو طلب من هو عليه لمن هو له انتهى فقوله لا يسقطه الجملة في محل رفع صفة لالتزام لا في محل خفض صفة لدين كما في الشيخ ميارة أي التزام لا يسقط الدين عمن هو عليه لبقائه في ذمة المضمون فقوله التزام دين جنس يشمل الحمل والحمالة التي هي الضمان وقوله لا يسقطه فصل يخرج به الحمل كمن التزم أداء دين أو صداق عن الغريم أو الزوج لرب الدين أو الزوجة بدون رجوع الملتزم على من أدى عنه لأن الالتزام فيه يسقط الدين عن الغريم بخلاف الحمالة وأما الحوالة فلا تدخل في التعريف أصلا حتى يحتاج إلى إخراجها # لأن المحال لم يلتزم دينا والمحال عليه لم يحدث التزاما بل الدين ثابت عليه ولازم له بالأصالة فلا يكون فردا من أفراد التزام دين كالحمل. وقوله أو طلب بالجر عطف على دين أي التزام دين أو التزام طلب يدخل فيه ضمان الوجه وضمان الطلب (والأصل) في مشروعيته قول الله تعالى {ولمن جاء به حمل بعير} وأنابه زعيم بناء على أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد ناسخ وقال القاضي أبو إسحق ليس هذا من باب الكفالة فإنها ليس فيها كفالة إنسان وإنما هو رجل التزم عن نفسه وضمن منها وذلك جائز لغة لازم شرعا قال الشاعر

فلست بآمر فيها بسلم ... ولكني على نفسي زعيم

قال الإمام أبو بكر هذا الذي قاله القاضي أبو إسحاق صحيح في أن الزعامة فيه نص فإذا قال أنا زعيم فمعناه أني ملتزم وأي فرق بين أن يقول التزمته عن نفسي أو التزمت عن غيري انتهى وقال عليه الصلاة والسلام العاربة مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضى والزعيم غارم الحديث والمنحة الشاة أو نحوها تعار لأخذ لبنها (وحكم) الشرع فيه الجواز دليله الآية والحديث المذكوران ما لم يؤد إلى ضمان بجعل أو سلف جر منفعة كما سيأتي. وحكمة مشروعيته حفظ المال بالتوثق والرفق والتوسعة على الغريم (وأركانه) خمسة الصيغة والضامن والمضمون والمضمون له والمضمون عنه فالأول منها قوله

(وسمي الضامن بالحميل ... كذاك الزعيم والكفيل)

صفحة ١٦٧