92

وكلما كان أكثر إخلاصا، وأشد توحيدا كان أبعد من عشق الصور.

ولهذا أصاب امرأة العزيز ما أصابها من العشق؛ لشركها، ونجا منه يوسف الصديق_عليه السلام_بإخلاصه.

قال_تعالى_: [كذلك لنصرف عنه السوء والفحشاء إنه من عبادنا المخلصين] يوسف: 24 (254).

فالسوء: العشق، والفحشاء: الزنا؛ فالمخلص قد خلص حبه لله، فخلصه الله من فتنة عشق الصور، والمشرك قلبه متعلق بغير الله، فلم يخلص توحيده وحبه لله_عز وجل_+.

وقال×في موضع آخر: =وهذا داء أعيا الأطباء دواؤه، وعز عليهم شفاؤه، وهو_لعمر الله_الداء العضال، والسم القتال الذي ما علق بقلب إلا وعز على الورى استنقاذه من إساره، ولا اشتعلت ناره إلا وصعب على الخلق تخليصها من ناره.

وهو أقسام؛ تارة يكون كفرا، كمن اتخذ معشوقه ندا يحبه كما يحب الله؛ فكيف إذا كانت محبته أعظم من محبة الله في قلبه؟ فهذا عشق لا يغفر لصاحبه؛ فإنه من أعظم الشرك، والله لا يغفر أن يشرك به، وإنما يغفر بالتوبة الماحية ما دون ذلك.

وعلامة العشق الشركي الكفري أن يقدم رضا معشوقه على رضى ربه، وإذا تعارض عنده حق معشوقه وحظه، وحق ربه وطاعته_قدم حق معشوقه على حق ربه، وآثر رضاه على رضاه، وبذل لمعشوقه أنفس ما يقدر عليه، وبذل لربه_إن بذل_أردأ ما عنده، واستفرغ وسعه في مرضاة معشوقه وطاعته والتقرب إليه، وجعل لربه_إن أطاعه_الفضلة التي تفضل عن معشوقه من ساعاته؛ فتأمل حال أكثر عشاق الصور تجدها مطابقة لذلك، ثم ضع حالهم في كفة، وتوحيدهم وإيمانهم في كفة، ثم زن وزنا يرضي الله ورسوله ويطابق العدل+(255).

صفحة ٩٢